قال الله تعالىٰ: {وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ} [البقرة: 233] ، وقال تعالىٰ: {لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ} [الطلاق: 7]، وقال تعالىٰ: {وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُ} [سبأ: 39].
المولود له: هو الأب، ويشمل الأب الأدنىٰ، والأب الأعلى، كالجد ومن فوقه.
1) الحث علىٰ النفقة علىٰ العيال بما يقدر عليه الرجل، من غير كُلفة زائدة تشقُّ عليه.
2) تَـكَفَّلَ الله تعالىٰ بالإخلاف علىٰ المُنفِق علىٰ عياله، ومن تكفَّل الله به فلا مُضيِّع له.
شروط الإنفاق:
الشرط الأول: أن يكون المُنفِق قادراً علىٰ الإنفاق، فإن كان عاجزاً فإنه لايجب عليه الإنفاق إلا بما يستطيعه.
الشرط الثاني: أن يكون المُنفِق وارثاً للمُنْفَق عليه، فإن كان المُنفِق قريباً لايرث، فإنه لايجب عليه الإنفاق.
1/289 ــ وعن أَبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سَبِيلِ الله، وَدِينَارٌ أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَىٰ مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَىٰ أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْراً الَّذِي أنْفَقْتَهُ عَلَىٰ أَهْلِكَ». رواه مسلم.
2/290 ــ وعن أَبي عبد الله وَيقَالُ له: أبو عبدِ الرَّحمنِ ـ ثَوْبَانَ بْن بُجْدُدَ مَوْلَىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَىٰ عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَىٰ دَابَّتِهِ في سَبيلِ الله، وَدِينَارٌ يُنفِقُهُ عَلَىٰ أصْحَابِهِ في سَبِيلِ الله». رواه مسلم.
1) فضيلة الإنفاق علىٰ الأهل؛ فهو أفضل النفقات الواجبة لما يترتب عليه من البر.
2) الإنفاق علىٰ الأهل فرض عين، والإنفاق علىٰ من سواهم فرض كفاية، وفرض العين أفضل من فرض الكفاية عند أكثر أهل العلم.
3/291 ــ وعن أمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قالَتْ: قلتُ يا رسولَ الله، هَلْ لي أَجرٌ في بَني أبي سَلَمَةَ أَنْ أَنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهمْ هكَذَا وَهكَذَا، إنَّمَا هُمْ بَنيَ؟ فقال: «نَعَمْ لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ». متفقٌ عليه.
4/292ــ وعن سعدِ بن أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه في حدِيثِهِ الطَّوِيلِ الذي قَدَّمْنَاهُ في أَوَّلِ الْكِتَابِ في (بَابِ النِّيَّةِ) أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال له: «وَإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ الله إلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّىٰ مَا تَجْعَلُ في فيِّ امْرَأَتِكَ». متفقٌ عليه.
5/293ــ وعن أبي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: « إذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَىٰ أَهْلِهِ نَفَقَةً يَحْتَسِبُهَا فَهيَ لَهُ صَدَقَـةٌ». متفقٌ عليه.
لست بتاركتهم هكذا وهكذا: أي: يتفرقون في طلب القوت يميناً وشمالاً.
في فيِّ امرأتك: أي: في فمها.
يحتسبها: أي يقصد بها وجه الله تعالىٰ والتقرب إليه.
1) من أبواب الطاعات المرغَّب فيها؛ النفقة علىٰ الأهل والعيال.
2) العادات تصبح عبادات بحسن نية العبد؛ فانظر إلىٰ النفقة المعتادة علىٰ أهل الرجل، كيف صارت صدقة لمّا احتسبها في سبيل الله. فَلْيحرصِ المنفقون علىٰ تصحيح النيات.
6/294 ــ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كَفَىٰ بِالمَرْءِ إثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ». حديثٌ صحيحٌ رواه أبو داود وغيره.
ورواه مسلم في صحيحه بِمَعْنَاهُ قال: «كَفَىٰ بِالمَرْءِ إثْماً أَن يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ».
يقوت: من ينفق عليه.
1) التهديد والوعيد علىٰ مَن ضيّع من ينفق عليه، وهو شامل للإنسان وغيره مما تلزمه النفقة عليه.
2) وجوب رعاية من ألزمك الله بالإنفاق عليهم.
7/295 ــ وعن أَبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبادُ فِيهِ إلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهم أَعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهم أَعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً». متفقٌ عليه.
خلفاً: عوضاً عما أنفقه.
تلفاً: هلاكاً عما حبسه ومنعه عن مستحقيه.
1) الترغيب في الدعاء للكريم بمزيد العوض، وأن يخلفه الله خيراً مما أنفق، والدعاء علىٰ البخيل بتلف ماله الذي منعه وكنزه.
2) استجابة الله دعاء العبد لأخيه بظهر الغيب.
3) دعاء الملائكة للمؤمنين الصالحين المنفقين بالخير والبركة، وفي هذا حث علىٰ الإنفاق.
4) الإنفاق في سبيل الله من شكر النعم، وهو سبب في المزيد: {لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ}.
8/296 ــ وعنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: « الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ». رواه البخاري.
اليد العليا: اليد المنفقة المعطية.
اليد السفلى: اليد الآخذة.
ظهر غنى: غير محتاج إليها، أي: بعد أن يستغني بقدر الكفاية لأهله وعياله.
يستعفف: يطلب من الله العفة، وهي: الكفُّ عن الحرام.
يستغن: يقنع بما قسم الله له.
1) تفضيل الغنىٰ للرجل الصالح الذي يقوم بحق المال، فنِعْم المال الصالح للعبد الصالح.
2) كراهية السؤال والتنفير عنه، فلا يجوز إلا لضرورة أوحاجة أو سبب شرعي.
3) العفَّة والقناعة من صفات أهل الإيمان.
4) من استعان بالله علىٰ استكمال الأعمال الصالحة التي نواها في نفسه، أعانه الله وبلّغه مراده وكفاه.