قال الله تعالىٰ: {وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} [البقرة: 215] ، وقال تعالىٰ: {وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ} [البقرة: 197] ، وقال تعالىٰ: {فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ} [الزلزلة: 7] ، وقال تعالىٰ: { مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ } [الجاثية:15] . والآيات في الباب كثيرة.
1) الحث عَلىٰ اغتنام أبواب الخيرات كل بحسب حاله، وأصول طرق الخير ثلاثة:
الجهد البدني، والمالي، والمشترك بينهما.
ــ أمَّا الجهد البدني: فهو أعمال البدن؛ مثل: الصلاة، والصيام، والجهاد.
ــ وأمَّا الجهد المالي: فمثل الزكوات، والصدقات، والنفقات.
ــ وأمّا المشترك: فمثل الجهاد في سبيل الله، فإنه يكون بالمال، ويكون بالنفس.
2) حكمة الشارع في تنويع طرق الخير؛ ليعظم الأجر، ولئلا تملَّ النفوس من عبادة معينة، فالمستحب للعبد أن يعمل بأنواع العبادات المشروعة، كلٌّ بما يستطيع وبما يفتح الله لَهُ من الخير.
وأما الأحاديث، فكثيرة جداً وهي غير منحصرة، فنذكر طرفاً منها:
1/117 ــ الأوَّل: عن أبي ذرٍّ جُنْدَبِ بن جُنادَةَ رضي الله عنه قال: قلت يا رسولَ الله، أيُّ الأعْمَالِ أَفضَلُ ؟ قال: «الإيمانُ بالله ، وَالجِهَادُ في سَبِيلِهِ»، قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أَفْضلُ؟ قال: «أنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَأَكْثَرُهَا ثَمَناً»، قُلْتُ: فَإنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قال: «تُعينُ صَانِعَاً أوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ»، قُلْتُ: يا رَسولَ الله أَرَأَيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قال: «تكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ، فَإنها صَدقَةٌ مِنْكَ عَلىٰ نَفْسِكَ». متفقٌ عليه.
«الصَّانعُ» بالصَاد المهملة هذَا هو المشهور، وَرُوِيَ «ضَائعاً» بالمعجمة، أَيْ: ذَا ضَيَاعٍ مِنْ فَقْرٍ أَوْ عِيَالٍ ونحْو ذلكَ، «وَالأخْرَق»: الَّذي لا يُتقن مَا يُحَاولُ فِعْلَهُ.
ــ الرِّقاب: المماليك.
ــ أنفَسِها: أحبها عند أهلها، فالنفيس هُوَ الغالي.
1) حرص الصحابة رضي الله عنهم عَلىٰ السؤال عَنْ أفضل الأعمال ليعملوا بها، وهذا هُوَ شأن الموفِّقين من عباد الله تعالىٰ، فالواجب عَلىٰ العبد أن يحرص عَلىٰ أفضل الأعمال المقربة إلىٰ الله _عز وجل_ ليعظم أجره.
2) صنائع المعروف للناس من أفضل القربات عند الله .
3) كفّ الأذىٰ عَنِ الناس من أخلاق المسلم، والواجب علىٰ الجميع التحلي بها.
4) يجب عَلىٰ العبد أن يتدرج في الطاعات والقربات بحسب طاقته وجهده، فيحرص علىٰ الأنفع، ولا يكسل، فإن أحب الأعمال إلىٰ الله _عز وجل_ أدومها وإن قلَّت.
2/118 ــ الثاني: عن أَبي ذرٍّ أيضاً رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «يُصْبِحُ عَلىٰ كُلِّ سُلاَمَىٰ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُ تَحْمِيدةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تكبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرَ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى». رواه مسلم.
«السُّلامَى» بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: المفْصلُ.
1) صلاة الضحىٰ سنة مستحبة كل يوم، وهي تجزئ عَنِ الصدقة الواجبة عَلىٰ بدن العبد.
2) عظيم فضل الله _عز وجل_ عَلىٰ العباد؛ إذ فتح لهم أبواب الخير الكثيرة .
وقت صلاة الضحىٰ يبدأ من ارتفاع الشمس قدر رمح، يعني بعد تكامل طلوع قرص الشمس ببضع دقائق، إلىٰ قُبيل الزوال، وهو انتصاف النهار عندما تكون الشمس وسط السماء، فلا صلاة إلىٰ أن تميل الشمس ببضع دقائق.
3/119ــ الثَّالثُ: عَنهُ قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : «عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمَالُ أمَّتي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأذَىٰ يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ في مَسَاوِئ أعْمَالِهَا النَّخَاعَةُ تَكُونُ في المَسجِد لاَ تُدْفَنُ». رواه مسلم.
يماطُ: يزال.
النخاعة: النخامة.
1) يُستحب للإنسان إِذَا رأىٰ ما يؤذي أن يزيله عَنِ الطريق، فهذا من شعب الإيمان.
2) عدم احتقار الأعمال ولو كانت صغيرة، فإن ثوابها عند الله عظيم.
3) الحث عَلىٰ إصلاح المساجد وطهارتها؛ لِما في ذلك من الأجر العظيم.
إزالة النخامة وما شابه ذلك من المؤذيات يكون بأي طريق يحصل به المقصود، كالغسل أو المسح بالمناديل أو غير ذلك من المنظفات.
4/120 ــ الرابع: عنه أنَّ ناساً قالوا: يا رسُولَ الله ، ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أمْوَالِهِمْ، قال: «أوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ بِهِ: إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تكبِيرَةٍ صدقةً، وكلِّ تَحْمِيدَةٍ صدقةً، وكلِّ تَهْلِيلَةٍ صدقةً، وَأَمْرٌ بالمعْرُوفِ صدقةٌ، ونَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صدقةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صدقةٌ» قالوا: يا رسُولَ الله، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ، وَيَكُونُ لَهُ فيها أَجْرٌ؟! قال: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فيها وِزْرٌ؟ فكذلكَ إذا وضَعَهَا في الحَلاَلِ كانَ لَهُ أَجْرٌ». رواه مسلم.
«الدُّثُورُ» بالثاء المثلثة: الأموالُ، واحِدُها: دَثْرٌ.
فضول: الزائد عَنِ الحاجة والكفاية.
بُضع: بمعنىٰ الجماع.
1) فضيلة ذكر الله تعالىٰ فهو من أعظم الصدقات.
2) الأمر بالمعروف والنهي عَنِ المنكر من أفضل الصدقات، وهو عز الأمة وسبيل خيريتها؛ {كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ}.
3) عَلىٰ الآمر بالمعروف والناهي عَنِ المنكر أن يَنويَ بعمله إصلاح الخلق، لا الانتصار عليهم.
4) إِذَا استغنىٰ الرجل بالحلال عَنِ الحرام كَانَ لَهُ بهذا الاستغناء أجرٌ.
5) رحمة الله تعالىٰ بعباده المؤمنين، فقد جعل لهم الأجر حَتَّىٰ في شهواتهم المباحة.
5/121 ــ الخامس: عنه قال: قال لي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : «لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً، ولَوْ أَنْ تَلْقَىٰ أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلِيقٍ». رواه مسلم.
طليق: ضاحك مستبشر.
1) الاستبشار في وجه المؤمن صدقة يؤجر عليها العبد.
2) المحافظة علىٰ فعل المعروف ولو كَانَ في نظر الناس قليلاً حقيراً، فَرُبَّ عملٍ قليل أورث عزاً وأجراً.
6/122 ــ السادس: عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ سُلاَمَىٰ مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ، فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أوْ تَرْفَعُ لَهْ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صدقةٌ، والكلِمَة الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خَطْوَةٍ تَمْشِيها إلىٰ الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وتُميطُ الأَذَىٰ عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». متفق عليه.
ورواه مسلم أيضاً من رواية عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ بَني آدَمَ عَلىٰ سِتِّينَ وثَلاثِمائَةِ مفْصلٍ، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وَحَمِدَ اللهَ، وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ اللهَ، واسْتَغْفَرَ اللهَ، وَعَزَلَ حَجَراً عَنْ طَرِيقِ الناسِ أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْماً عَن طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ أَمَرَ بمَعْروفٍ أَوْ نهىٰ عَنْ مُنكَرِ، عَدَدَ الستِّينَ وَالثَّلاثمائَةِ، فَإنَّهُ يُمْسِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ».
1) المؤمن إِذَا نوىٰ الخير وفعله أُجِرَ عليه، ولو كَانَ خطوة واحدة يمشيها إلىٰ طاعة.
2) تنوّع العبادات والقربات في حياة المؤمنين، وهذا من رحمة الله تعالىٰ بهم ليزدادوا أجراً، ورغبةً في الخير.
7/123 ــ السابع: عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ غَدَا إلىٰ المَسْجِدِ أوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ». متفق عليه.
«النُّزُلُ»: القُوتُ والرِّزْقُ وَمَا يُهَيَّأُ للضَّيْفِ.
غدا: ذَهَبَ غدوة، أي: ذَهَبَ أول النهار.
راح: الرواح يطلق عَلىٰ ما بعد الزوال.
1) فضل الصلاة في المسجد، وفضل كثرة الغدو والرواح إليه.
2) بيان فضل الله _عز وجل_ عَلىٰ العبد؛ حيث يعطيه عَلىٰ مثل هذه الأعمال اليسيرة هذا الثواب الجزيل.
8/124 ــ الثامن: عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ لاَ تحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ». متفق عليه.
قال الجوهري: الفِرْسِنُ مِنَ الْبَعِيرِ: كالحافِرِ مِنَ الدَّابَةِ، قال: ورُبَّما اسْتُعِيرَ في الشَّاةِ.
1) الحث عَلىٰ الهدية بين المسلمين.
2) عَلىٰ العبد أن يهتم بجيرانه، ويحُسن إليهم، فهو باب من طرق الخير.
3) وصية خاصة للنساء في حثهنَّ عَلىٰ أعمال الخير، وهذا من عناية الشريعة بأحكام النساء.
9/125ــ التاسع: عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً: فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إلهَ إلَّا الله، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الأذَىٰ عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ». متفقٌ عليه.
«البِضْعُ» من ثلاثة إلىٰ تسعة، بكسر الباء وقد تُفْتحُ. «وَالشُّعْبَةُ»: القطْعة.
إماطة: إزالة.
الحياءُ: خلق يبعث عَلىٰ فعلِ الجميل وتركِ الرذيل.
1) فضل كلمة التوحيد: (لا إله إلَّا الله)، فهي من أعلىٰ شعب الإيمان؛ فَلْيجتهدِ العبد في العمل بمضمونها.
2) من الأخلاق الحميدة أن يكون العبد حيِّياً، إلَّا في الحق فإنه لا يُستحيىٰ منه.
10/126 ــ العاشر: عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بطَريق اشْتدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْراً فَنَزَلَ فيها فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فإذا كَلْبٌ يَلْهَث يَأْكُل الثَّرَىٰ مِنَ الْعَطَش، فقال الرَّجُل: لَقَدْ بَلَغَ هذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَش مِثْلُ الَّذي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّه مَاءً ثُمَّ أمْسَكَه بِفِيهِ، حَتَّىٰ رَقِيَ فَسَقَىٰ الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَه فَغَفَرَ لَه» قَالُوا: يا رسولَ الله إنَّ لَنَا في الْبَهَائِمِ أجْراً؟ فَقَالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ» متفقٌ عليه.
وفي رواية للبخاري: «فَشَكَرَ اللهُ لَه فَغَفَرَ لَه، فَأَدْخَلَه الْجَنَّةَ».
وفي روايةِ لَهُمَا: «بَيْنَما كَلْبٌ يُطيف بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُه الْعَطَش، إذْ رَأتْه بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ».
«الْمُوق»: الْخُفُّ. «وَيُطِيْفُ»: يدُورُ حَوْلَ «رَكِيةِ» وَهِيَ الْبِئْرُ.
يلهث: يخرج لسانه من شدة العطش.
الثرى: التراب الرطب.
رقي: صعد.
كبد رطبة: كل حيّ.
1) العمل اليسير إِذَا تقبّله الله _عز وجل_ كان سبباً لدخول الجنة.
2) إن الأعمال الصغيرة مع صلاح النية تصبح كبيرة، وإن الأعمال الكبيرة مع الغفلة تصبح صغيرة، فمدار الأعمال علىٰ ما يقوم في القلب من النيات.
3) العبرة من القصص النبوي أن نأخذ الذكرىٰ والموعظة.
قال بعض التابعين: مَن كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء، فإذا غُفِرَتْ ذنوب الذي سقىٰ كلباً، فما ظنكم بمن سقىٰ مؤمناً موحّداً وأحياه بذلك!!
11/127 ــ الْحَادِي عَشَرَ: عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَقَد رَأيْتُ رَجُلاً يَتَقلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، في شَجَرةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّريقِ كَانَتْ تُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ». رواه مسلم.
وفي رواية: «مَرَّ رَجُل بِغُصْنِ شَجَرَةِ عَلَىٰ ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ: وَالله لأُنحِّيَنَّ هذَا عَنِ الْمُسْلِمِين لا يُؤْذِيهمْ، فأُدْخِلَ الْجَنَّةَ».
وفي رواية لَهما: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَريقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَىٰ الطَّريقِ، فأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَر لَهُ».
يتقلبُ: يتنعم.
لأنحّينَّ: لأزيلنَّ.
1) فضيلة إزالة الأذىٰ عَنِ الطريق، فهو سبب لدخول الجنة.
2) من أزال عَنِ المسلمين الأذىٰ في أمر حسي بما يؤذيهم في أبدانهم فله هذا الثواب العظيم، فكيف بمن يزيل عنهم الأذىٰ المعنوي الَّذي يضرُّ بأديانهم. كالأخلاق السيئة، والأفكار الرديئة، والعقائد الفاسدة، والبدع المضلة؟!
12/128 ــ الثَّاني عَشَرَ: عَنْهُ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَ أَتَىٰ الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَا فَقَدْ لَغَا». رواه مسلم.
لغا: ورد تفسير اللغو بمعنىٰ: أن تصيرَ الجمعة ظهراً، كما عند أبي داود وغيره.
1) الحضور إلىٰ الجمعة، مع إحسان الوضوء والاستماع والإنصات، كفارة إلىٰ الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام.
2) فضيلة الاستماع إلىٰ الخطبة والإنصات ليأخذ الأجر كاملاً.
مس الحصىٰ والعبث به يشبهه اليوم اللعب بالجوال أو الساعة، أو ما أشبه ذلك. فليحذر المؤمن من العبث أثناء الخطبة، وليكن حضوره وجلوسه عبادة حَتَّىٰ يفرغ من الصلاة.
13/129 ــ الثَّالثَ عَشَرَ: عَنْهُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ ، أوِ الْمُؤمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إلَيْهَا بِعَيْنِهِ مَعَ الْمَاءِ، أوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، فَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْه كُلُّ خُطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْها يَدَاهُ مَعَ المَاءِ، أوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، فَإذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاهُ مَعَ الْمَاءِ، أوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، حَتَّىٰ يَخْرُجَ نَقِيّاً مِنَ الذُّنُوبِ». رواه مسلم.
1) الوضوء من مكفرات الذنوب.
2) التطهير في الوضوء يكون حسياً ومعنوياً؛ حسياً: بنظافة هذه الأعضاء، ومعنوياً: بتطهيرها من الذنوب التي ارتكبتها.
3) رحمة الله تعالىٰ بهذه الأمة؛ حين شرع لها كفارات الذنوب وموجبات الرحمة.
14/130 ــ الرَّابعَ عَشَرَ: عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إلَىٰ الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إلَىٰ رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إذَا اجْتُنِبَت الْكَبَائِرُ». رواه مسلم.
ـ مكفرات لما بينهن: أي تمحو الخطايا والذنوب.
ـ الكبائر: جمع كبيرة؛ وهي كل ذنب مُرتّبٌ عليه في الشريعة نفي الإيمان، أو لعن فاعله، أو أوجب حداً في الدنيا، أو وعيداً بعذاب في الآخرة.
1) أعظم مكفرات الذنوب: الصلوات الخمس، وحضور الجُمع، وصيام رمضان.
2) الكبائر لابد لها من توبة خاصة. لعظيم خطرها علىٰ الإيمان.
15 /131 ــ الْخَامسَ عَشَرَ: عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «ألا أَدلُّكُمْ عَلَىٰ مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قالوا: بَلَىٰ يَا رَسُولَ الله، قال: «إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَىٰ الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إلَىٰ الْمَساجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاة بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ». رواه مسلم.
إسباغ الوضوء عَلىٰ المكاره: إتمام الوضوء، وإعطاء كل عضو حقه، مع وجود المشقة غير المقصودة.
الرباط: المرابطة للجهاد في سبيل الله .
1) من أسباب مكفرات الذنوب ورفع الدرجات: الوضوء، وكثرة الذهاب للمساجد، وحضور الصلوات فيها.
2) إن المواظبة عَلىٰ الطاعات نوع من الجهاد في سبيل الله _عز وجل_، بل هي مقدمة للجهاد بالسلاح ضد أعداء الله تعالىٰ، فما لم يجاهد العبد نفسه ويصلحها في ذات الله تعالىٰ لا يمكنه مجاهدة أعداء الله.
16/132 ــ السادسَ عَشَرَ: عن أَبي موسىٰ الأشْعَرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ صَلَّىٰ الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ». متفقٌ عليه.
«الْبَرْدَانِ»: الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ.
1) فضيلة صلاتَي الفجر والعصر، فهاتان الصلاتان هما أفضل الصلوات.
2) إن المحافظة علىٰ هاتين الصلاتين، وإقامتهما من أسباب دخول الجنة.
17/133 ــ السابعَ عَشَرَ: عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً». رواه البخاري.
1) علىٰ المؤمن حال الصحة والفراغ أن يحرص عَلىٰ الأعمال الصالحة.
2) العمل بالطاعة وقت العافية والرخاء، يجبر للعبد النقص حال الانشغال، فَلْيحرصِ المؤمن عَلىٰ الاستزادة من الباقيات الصالحات، كلما هبت من الإيمان نفحات.
18/134 ــ الثَّامنَ عَشَرَ: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ». رواه البخاري، ورواه مسلم مِن رواية حُذَيْفَةَ رضي الله عنه.
المعروف: ما عُرف حسنهُ في الشرع، وعند الناس.
1) الحرص عَلىٰ فعل المعروف، فإنه قربة إلىٰ الله تعالىٰ، ومكفر للذنوب والخطايا.
2) إن المعروف المرغب به أبوابه كثيرة؛ بالأقوال والأفعالِ، بل الأخلاق الحسنة من المعروف، فأين الدعاة الصامتون؟! الذين يدعون الناس إلىٰ الجنة بأفعالهم وحسن أخلاقهم.
19/135 ــ التَّاسعَ عَشَرَ: عَنْهُ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغرِسُ غَرْساً إلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْه لَه صَدَقَةً، ولا يَرْزَؤُهُ أحَدٌ إلَّا كَانَ لَه صَدَقَةً». رواه مسلم. وفي رواية له: «فَلا يَغْرِس المسْلِم غَرْساً، فَيَأْكُلَ مِنْه إنْسَانٌ وَلا دَابَّةٌ وَلا طَيْرٌ إلَّا كَانَ لَه صَدَقَةً إلَىٰ يَوْم الْقيَامَة».
وفي رواية له: «لا يَغْرِس مُسْلِم غَرْساً، وَلا يَزْرَع زَرْعاً، فَيَأْكُلَ مِنْه إنْسَانٌ وَلا دَابَّةٌ وَلا شَيءٌ إلَّا كَانَتْ لَه صَدَقَةً» وَرَوَيَاه جَميعاً مِنْ رواية أنَسٍ رضي الله عنه.
قولُهُ: «يَرْزَؤُهُ» أَيْ: يَنْقُصُهُ.
1) الحث عَلىٰ الزرع والغرس؛ لما فيه من المصالح الدينية والدنيوية.
2) بيان كثرة طرق الخير وتنوعها.
3) المصالح والمنافع إِذَا انتفع الناس بها كانت خيراً لصاحبها التي تسبب بهاوإن لم ينوِها، فإن نوىٰ ازداد خيراً عَلىٰ خير. {وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} [النساء: 114].
20/136 ــ العشْرُونَ: عَنْهُ قالَ: أرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أن يَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذلكَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لَهُمْ: «إنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أنْ تَنْتَقلُوا قُرْبَ الْمَسْجدِ؟» فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رسولَ الله، قَدْ أَرَدْنَا ذلكَ، فَقَالَ: «بَنِي سَلِمَةَ، ديَارَكُمْ تُكْتبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تَكْتبْ آثَارُكُمْ». رواه مسلم. وفي روايةِ: «إنَّ بِكُلِّ خَطْوَةٍ دَرَجَةً». رواه مسلم. ورواه البخاري أيضاً بِمَعْنَاهُ مِنْ رواية أنَس رضي الله عنه.
و«بَنُو سَلِمَهَ» بكسر اللام: قبيلة معروفة من الأنصار رضي الله عنهم، و«آثَارُهُمْ» خُطَاهُمْ.
ديارَكم تُكتب آثارُكم: الزموا منازلكم، ولو كانت بعيدة عَنِ المسجد، تكتب لكم خطواتكم كل خطوة بحسنة أو درجة.
1) كثرة الخطىٰ إلىٰ المساجد من جملة مكفرات الذنوب ورفع الدرجات.
2) التثبت في الأخبار قبل الحكم، لسؤال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إياهم قبل أن يحكم.
21/137 ــ الْحَادي وَالعشْرُونَ: عَنْ أبي الْمُنْذِر أُبيِّ بنِ كَعبٍ رضي الله عنه قال: كَانَ رَجُلٌ لا أَعْلَمُ رَجُلاً أَبْعَدَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَ لا تُخْطِئُهُ صَلاةٌ، فَقِيلَ لَهُ، أوْ فَقُلْتُ لَهُ: لَو اشْتَرَيْتَ حِمَاراً تَرْكَبُهُ في الظَّلْمَاءِ، وَفي الرَّمْضَاءِ، فَقَالَ: مَا يَسُرُّني أنَّ مَنْزِلي إلَىٰ جَنْب الْمَسْجِدِ، إنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إلَىٰ الْمَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إذَا رَجَعْتُ إلَىٰ أهْلي، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قَدْ جَمَعَ الله لَكَ ذلِكَ كُلَّهُ». رواه مسلم. وفي رواية: «إنَّ لَكَ مَا احْتَسَبْتَ».
«الرَّمْضَاءُ»: الأرْضُ التِي أَصَابَهَا الْحَرُّ الشَّديدُ.
«لا تخطئه»: لا تفوته.
1) إن للنية أثراً كبيراً في صحة الأعمال وثوابها، فكلما كَانَ الإنسان أصدق إخلاصاً لله، وأقوىٰ اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ أكثر أجراً، وأعظم مثوبة عند الله _عز وجل_.
2) من عمل خيراً ولو خطوة إلىٰ المسجد، فإن الله يجمع لَهُ أجر ذلك ولا يفوته شيء.
22/138 ــ الثَّاني وَالعشْرُونَ: عَنْ أَبي محمد عبدِ الله بنِ عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلاهَا مَنِيحَةُ الْعَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَل بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا إلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ بِهَا الْجَنَّةَ». رواه البخاري.
«الْمَنِيحَة»: أنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهَا لِيَأْكُلَ لَبَنَهَا، ثُمَّ يَردَّهَا إلَيْهِ.
خصلة: نوعاً.
موعودها: ما ورد من الوعد.
1) تنوع خصال الخير، وكثرة مفاتيح البر، فالموفَّق من وفّقه الله، والمحروم من حُرم.
2) مدار الأعمال عَلىٰ الصدق والإخلاص لله تعالىٰ، حَتَّىٰ ينال العامل أجره.
3) العمل الصالح سبب لدخول الجنة بعد رحمة الله تعالىٰ.
23/139 ــ الثَّالثُ وَالعشْرُونَ: عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبيَ صلى الله عليه وسلم يقول: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشقِّ تَمْرَةٍ». متفقٌ عليه.
وفي رواية لهما عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا سَيُكَلِّمُه رَبُّه لَيْس بَيْنَهُ وَبَيْنَه تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُر أَيْمَنَ مِنْهُ فَلا يَرَىٰ إلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُر أَشْأَمَ مِنْهُ فَلا يَرَىٰ إلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُر بَيْنَ يَدَيْه فَلا يَرَىٰ إلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».
ترجمان: المترجم: وهو الَّذي ينقل الكلام من لغة إلىٰ لغة أخرى.
أَشْأَم: جهة الشمال وهو عكس اليمين.
1) سيقف العبد بين يدي الله تعالىٰ، محيطة به أعماله، والنار معروضة أمامه. فماذا قدم؟!
2) إثبات صفة الكلام لله _عز وجل_، وأنه سبحانه وتعالىٰ يتكلم يوم القيامة بكلام مسموع مفهوم، لا يحتاج إلىٰ ترجمة. هكذا أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
3) الصدقة ـ وإن قلّت ـ فإنها تنجي من النار.
4) إن قراءة القرآن والذكر، وتعلم العلم وتعليمه؛ كل ذلك من أعظم الكلم الطيب.
24/140 ــ الرَّابع وَالعشْرونَ: عَن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللهَ لَيَرْضَىٰ عَنِ الْعَبْدِ أنْ يَاْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا». رواه مسلم.
وَ«الأكْلَة بفتح الهمزة»: وَهيَ الْغَدْوَة أوِ الْعَشْوَة.
1) رضا الله _عز وجل_ قد يُنال بأدنىٰ سبب.
2) للأكل والشرب آداب فعلية: كالأكل باليمين، وآداب قولية: كالتسمية في أوله، بقول: «بسم الله»، والحمد في آخره.
قوله «أن يأكل الأكلة»: ليس المراد أنه كلما أكلتَ لقمة قلتَ: الحمد لله، ولكن المقصود: إِذَا انتهيت من الأكل حمدت الله _عز وجل_، فذلك هو هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأدبه.
25/141 ــ الْخَامس وَالعشْرُونَ: عن أبي موسىٰ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «عَلَىٰ كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ» قالَ: أَرَأيْتَ إنْ لَمْ يَجدْ؟ قالَ: «يَعْمَلُ بيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَه وَيَتَصَدَّقُ»: قالَ: أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَسْتَطعْ؟ قالَ: «يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ» قالَ: أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَسْتَطعْ؟ قالَ: «يَأْمُرُ بِالمَعْروفِ أوِ الْخَيْرِ» قالَ: أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قالَ: «يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإنَّهَا صَدَقَةٌ». متفقٌ عليه.
الملهوف: من وقع في شدة وكربة، واحتاج من يساعده.
1) كل نفع يعود عَلىٰ المرء أو غيره، فإنه من الخير المرغَّب فيه.
2) الإمساك عَنِ الشر صدقة، وهذا من تنوع مفاتيح الخير.
3) كلما عظم النفع، وصار عاماً للناس غير مقصورٍ علىٰ الأفراد، كَانَ أفضل أجراً، وأحسن أثراً.