اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

194 ــ باب فضل الصف الأول والأمر بإتمام الصفوف الأُوَلِ وتسويتها والتّراصّ فيها

1/1082ــ عَنْ جابرِ بنِ سمرةَ رضي الله عنهما قَالَ: خَرَجَ علينا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا تَصُفُّون كما تَصُفُّ الملائكةُ عنْدَ ربِّهَا؟» فقُلْنَا: يارسولَ الله، وكيْفَ تصُفُّ الملائكةُ عندَ رَبِّها؟ قَالَ: «يُتمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّون في الصَّفِّ». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) من هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الحرص علىٰ تكميل الصفوف والتراصّ فيها، فحث أصحابه والأمة علىٰ ذلك.

2) الترغيب في اقتداء أهل الإيمان بملائكة الرحمن في الصفوف في الصلاة.

2/1083ــ وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَستَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا». متفقٌ عليه.

غريب الحديث:

يستهموا: يجعلوا قرعة أيُّهم يصفُّ في الصف الأول؟

هداية الحديث:

1) مشروعية القرعة في القُرَب والطاعات، عندما يتزاحم المتنافسون فيها، مثل القرعة علىٰ الصف الأول.

2) الجهل هو سبب انصراف كثير من الخلق عَنْ المنافسة في الخيرات والصالحات.

3/1084ــ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ صفوفِ الرِّجالِ أوَّلُهَا، وشرُّها آخرُها، وخيُر صُفوفِ النِّساءِ آخرُها، وشرُّها أوَّلُها». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) الترغيب في أن تكون صفوف الرجال متقدمة علىٰ صفوف النساء، وكلما تقدمت صفوف الرجال فهو أفضل، وكلما تأخرت صفوف النساء فهو أفضل.

2) إذَا كُنَّ النساء في مكان خاص منفصل عَنِ الرجال، فإن خير صفوفهن أولها كالرجال، لأنه لا محذور حينها من قربها واختلاطها.

4/1085 ــ عَنْ أبي سعيد الخُدْريّ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رأىٰ في أصْحابه تأخُّراً، فقال لهم: «تقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بي. وَلْيَأْتَمَّ بكُمْ مَنْ بَعْدَكُم، لا يزالُ قومٌ يتأخَّرُون حَتَّىٰ يُؤخِّرَهُمُ اللهُ». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) الحث علىٰ الائتمام بالإمام والقرب منه في الصلاة.

2) إن التأخّر عَنِ الأعمال الصالحة سبب للتأخر عَنْ الأجر والثواب، وعن رحمة الله تعالىٰ.

3) الترغيب في تعليم العالِم أصحابَه المسائل، وتوجيههم إن أخطؤوا.

5/1086 ــ عَنْ أبي مسعود رضي الله عنه قَالَ: كان رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مناكبَنا في الصَّلاة، ويقولُ: «اسْتَوُوا ولا تختلِفُوا فَتَخْتلفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي منكُمْ أولُوا الأحلامِ والنُّهَىٰ، ثُمَّ الذين يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الذين يَلُونَهُمْ». رواه مسلم.

6/1087ــ عَنْ أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «سَوُّوا صُفوفَكُمْ، فإنَّ تسويَةَ الصَّفِّ من تَمامِ الصَّلاةِ». متفقٌ عليه.

وفي رواية البخاري: «فإنَّ تسويَةَ الصُّفُوف مِنْ إقَامَة الصَّلاة».

غريب الحديث:

ليلني: يكون ورائي مباشرة.

الأحلام والنُّهىٰ: العقول.

هداية الأحاديث:

1) عناية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم التامة بتسوية الصفوف في الصلاة بالقول والفعل.

2) النهي عَنِ الاختلاف في هيئة الوقوف في الصف، لأن ذلك سببٌ لاختلاف القلوب.

3) الحث علىٰ أن يقف وراء الإمام الكبار وأهل العقول.

4) تسوية الصفوف من حسن إقامة الصلاة، فالوصية النبوية لنا أن نقيم صفوفنا كما أُمرنا، لنفوز بتمام الأجر، وعظيم النفع، ومتابعة القدوة صلى الله عليه وسلم.

7/1088ــ وعَنْهُ قَالَ: أُقيمَتِ الصَّلاةُ، فأقبلَ علينا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بوجْهِهِ، فقال: «أقيمُوا صفوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا، فإنِّي أرَاكُم مِن وراءِ ظَهْرِي». رواه البخاري بلَفْظهِ، ومُسلمٌ بمَعْنَاهُ.

وفي رواية للبخاري: «وكان أحدُنا يُلزِقُ منكبَهُ بمَنْكبِ صَاحبِهِ وقَدَمَهُ بقَدَمِهِ».

هداية الحديث:

1) إن تسوية الصفوف بالمحاذاة، بحيث تستوي الصفوف، هو الهدي النبوي الصحيح.

2) من خصائص النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الصلاة أنه يرىٰ الناس من وراء ظهره، أما خارج الصلاة فهو كسائر البشر.

8/1089ــ عَنْ النعمان بن بشير رضي الله عنهما قَالَ: سمعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «لَتُسوُّنَّ صفُوفَكُمْ، أو لَيُخَالِفنَّ اللهُ بينَ وَجَوهِكُمْ». متفق عليه.

وفي روايةٍ لمسلِم: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا، حَتَّىٰ كَأَنَّمَا يُسَوّي بهَا القِدَاحَ، حَتَىٰ رَأَىٰ أنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ يَوْماً، فَقَامَ حَتَّىٰ كَادَ يُكَبِّرُ، فَرَأَىٰ رَجُلاً بادِياً صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ، فقالَ: «عِبَادَ الله، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ».

غريب الحديث:

القداح: جمع قدح، وهو السهم بعدما يُنحت ويُبرىٰ ويُقوّم.

عقلنا عَنْهُ: فهمنا مراده.

هداية الحديث:

1) عدم تسوية الصفوف سبب لاختلاف القلوب والتنافر، وهذا دليل علىٰ أن اختلاف الظاهر يورِّث اختلاف الباطن.

2) إن عناية الإمام بتسوية الصفوف هو هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، إذ حث عليه بقوله وفعله صلى الله عليه وسلم.

9/1090ــ وعَنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ رضي الله عنهما قالَ: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إلىٰ ناحِيَةٍ، يَمسَح صُدُورَنَا وَمَنَاكِبِنَا، ويقولُ: «لاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» ، وَكَانَ يَقُولُ: «إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصلُّونَ عَلىٰ الصُّفُوفِ الأُوَلِ». رواه أبو داود بإسنادٍ حسَن.

غريب الحديث:

يتخلل: يدخل خلاله.

هداية الحديث:

1) ترغيب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بإقامة الصفوف والتراصِّ فيها، وتسويتها بالقول والفعل.

2) فضيلة الصفوف الأولىٰ، لأن الله تعالىٰ وملائكته يصلون عليها. فَلْيحرصِ العبد، الذي وفّقه الله تعالىٰ لشهود الجماعات، علىٰ التبكير للفوز بهذا الأجر الكبير.

10/1091ــ وعَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ، وَحَاذُوا بَينَ المَنَاكِبِ، وَسُدُّوا الخَلَلَ، وَلِينُوا بِأَيْدِي إخْوَانِكُمْ، وَلا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشيْطانِ، ومَنْ وَصَلَ صَفّاً وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفّاً قَطَعَهُ اللهُ»، رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ.

11/1092ــ عَنْ أنس رضي الله عنه أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُم، وقارِبُوا بَيْنَهَا، وَحاذُوا بالأعنَاقِ، فوالذي نفسي بيَدِهِ إنِّي لأرىٰ الشَّيْطانَ يدخُلُ من خَلَلِ الصَّفِّ، كأنَّها الحَذَفُ». حديث صحيح رواه أبو داود بإسنادٍ علىٰ شرط مسلم.

«الحذَفُ»: بحاءٍ مهملةٍ وذالٍ معجمة، مفتوحتين، ثم فاءٌ وهي: غَنَمٌ سُودٌ صغارٌ تكُونُ بِالْيَمن.

غريب الحديث:

حاذوا: أمر بالمساواة.

الخلل: الفرج بين الصفوف.

لينوا: من اللّيونة والسهولة.

لاتذروا: لا تدعوا.

هداية الأحاديث:

1) إقامة الصفوف وتسويتها، والتراص فيها ووصلها، سبب لرحمة الله تعالىٰ، ووصله لعباده، وقطع الصفوف سبب لقطع رحمة الله تعالىٰ.

2) حرص الشيطان علىٰ إفساد صلاة المصلِّي والتشويش عليه، والموفَّق من قطع طرق الشيطان بامتثال هدي خير الأنام صلى الله عليه وسلم.

12/1093 ــ عَنْ أنس رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتِمُّوا الصَّفَّ المقدَّمَ، ثُمَّ الَّذي يليهِ، فمَا كان مِن نَقْصٍ فَلْيَكُنْ في الصَّفِّ المُؤخَّر». رواه أبو داود بإسناد حسن.

هداية الحديث:

1) الوقوف في الصف الثاني قبل تمام الأول تساهل في هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنّتِه.

2) عناية الشريعة بتكامل صفوف المصلِّين، لأن في ذلك تربيةً علىٰ تراصّ أهل الإيمان.

13/1094 ــ عَنْ عائشةَ رضي الله عنها قالت: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ وملائكَتَهُ يُصَلُّون علىٰ مَيَامِنِ الصُّفوفِ». رواه أبو داود بإسناد علىٰ شَرْط مُسْلم، وفيه رجلٌ مُخْتلَفٌ في تَوْثيقهِ[13].

[13]() الحديث إسناده ضعيف.

14/1095 ــ وعَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه قالَ: «كُنَّا إذا صَلَّيْنَا خَلْفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أَحْبَبْنَا أَنْ نكُونَ عَنْ يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَسَمِعْتُهُ يقول: «رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ ــ أَوْ تَجْمَعُ ــ عِبَادَكَ». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) فضيلة الوقوف في ميامن الصفوف، لنيل أجر الصلاة من الله وملائكته علىٰ ميمنة الصف.

2) فقه المسألة: أن نحرص علىٰ ميمنة الصف دون هجرٍ للميسرة، إذ لابد من توسيط الإمام.

15/1096ــ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «وسِّطُوا الإمَامَ، وَسُدُّوا الخَلَلَ». رواه أبو داود[14].

[14]() الحديث إسناده ضعيف.

1) المقصود من توسيط الإمام أن يكون اليمين واليسار متقاربين، فإذا تساويا فاليمين أفضل.

2) من حسن إقامة الصف سدّ الخلل بالتراصّ بالأقدام، والتحاذي بالمناكب والأعناق .

تنبـيـه:

1) الشطر الثاني من الحديث: «سدّوا الخلل» صحيح، لأنه تقدّم في حديث ابن عمر (1091): «أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل». أما قوله: «وسِّطُوا الإمام» فضعيف لا يثبت من قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

2) سبق التنبيه على ضعف حديث: «إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف» ولكن الرواية ثابتة بلفظ: «... يُصَلُّون علىٰ الذين يَصِلُون الصفوف». رواه أحمد في (مسنده) وأبو داود في (سننه) والبيهقي في (السنن الكبرىٰ) من حديث عائشة رضي الله عنها.