اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

225 ــ باب فضل صوم المحرَّم وشعبان والأشهر الحرم

1/1246ــ عَنْ أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الصِّيَامِ بعدَ رَمَضَانَ: شهرُ الله المحَرَّمُ، وأفْضلُ الصَّلاة ِبعدَ الفَريضَةِ: صلاةُ اللَّيل». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) فضل صيام النافلة في شهر الله المحرم، وخاصة يوم العاشر منه، لورود فضيلة خاصة بصيامه.

2) تتفاضل العبادات، ويضاعف ثوابها بحسب زمانها، فَلْيحرصِ العبد علىٰ اغتنام الأزمنة الفاضلة للطاعات.

2/1247 ــ وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: لَمْ يكُن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصومُ من شهر أكثرَ من شعبانَ، فإنَّهُ كَانَ يصومُ شعبَانَ كلَّه. وفي رواية: كَانَ يصومُ شعبَانَ إلا قليلاً. متفق عليه.

هداية الحديث:

1) الإكثار من صيام شهر شعبان سُنَّة، لأن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يصوم أكثره.

2) الحكمة في صيام أكثر شعبان أن يكون مقدمة بين يدي رمضان، كالرواتب بين يدي الفريضة.

3/1248ــ وعن مجيبةَ الباهليَّةِ عَنْ أبيها، أو عمِّها، أنَّه أتىٰ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انطلقَ فأتاهُ بعد سَنة، وقد تغيَّرت حالُه وَهَيئتُهُ، فقال: يارسولَ الله أَمَا تعرفُني؟ قَالَ: «ومن أنْتَ؟» قَالَ: أنا الباهليُّ الذي جئتُكَ عام الأوَّل، قَالَ: «فَمَا غيَّرك، وقد كنتَ حَسَنَ الهَيئة؟» قَالَ: مَا أكلتُ طعاماً منذُ فارقْتُكَ إلَّا بِليل، فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «عَذَّبتَ نفسَكَ!» ثُمَّ قَالَ: «صُمْ شهرَ الصَّبْر، ويوماً مِن كلِّ شَهرٍ» قَالَ: زدْني ، فإنَّ بي قوَّةً، قَالَ: «صُمْ يَوْمين» قَالَ: زدْني، قَالَ: «صُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ» قَالَ: زدْني ، قَالَ: «صُمْ مِنَ الحُرُمِ واتْرُكْ ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ واتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ واتْرُكْ» وقال بأصابعِهِ الثلاثِ فَضَمَّهَا، ثُمَّ أرْسلَها. رواه أبو داود. وشهر الصبر: رمضان.

هداية الحديث:

1) ليس من الشرع المنزل أن يكلف العبدُ نفسَه مَا لا يطيق، وأن يعذب نفسه بالأعمال الشاقة التي لَمْ يأمر الشرع بها. ومن غامر بنفسه فإنما يتكلف الشرع المبدل!

2) أحب الأعمال إلىٰ الله تعالىٰ أدومُها وإنْ قَلَّ.

تنبيه:

هذا الحديث ضعيف بهذا اللفظ، لكنه يصح برواية وردت من حديث كهمس الهلالي قال: أسلمتُ، فأتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي، فمكثْتُ حولاً وقد ضَمرْتُ ونحلَ جسمي ثم أتيْتُه، فخفضَ فيَّ البَصَرَ ثم رفعَهُ، قلت: أمّا تعرفني؟ قال: «ومَن أنت؟» قلت: أنا كهمسُ الهلاليُّ، قال: «فما بلغ بكَ ما أرىٰ؟» قلت: ما أفطرْتُ بعدَك نهاراً، ولا نمتُ ليلاً. فقال صلى الله عليه وسلم:

«ومن أمركَ أنْ تعذِّبَ نفسَكَ؟ صُم شهرَ الصَّبرِ، ومِن كلِّ شهرٍ يوماً» قلتُ: زدني. قال: «صُم شهرَ الصبر، ومن كل شهرٍ يومين». قلت: زدْني أجدُ قوة. قال: «صُم شهرَ الصبر، ومن كل شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ». رواه الطيالسي في مسنده والطبراني في المعجم الكبير.

فائدة نفيسة:

قال الحافظ الذهبي ــ رحمه الله تعالىٰ ــ في (سير أعلام النبلاء):

«وكل من لم يَزُمَّ نفسَه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية، يندم ويترهب ويسوء مزاجه، ويفوته خير كثير من متابعة سُنّة نبيِّه، الرؤوف الرحيم بالمؤمنين، الحريص علىٰ نفعهم، وما زال صلى الله عليه وسلم معلِّماً للأمة أفضل الأعمال، وآمراً بهجر التبتُّل والرهبانية التي لم يُبعث بها، فنهىٰ عن سرد الصوم، ونهىٰ عن الوِصال، وعن قيام أكثر الليل إلا في العشر الأخير، ونهىٰ عن العزبة للمستطيع، ونهىٰ عن ترك اللحم، إلىٰ غير ذلك من الأوامر والنواهي.

فالعابد بلا معرفة لكثير من ذلك معذور مأجور، والعابد العالم بالآثار المحمدية المتجاوز لها مفضول مغرور. وأحب الأعمال إلىٰ الله تعالىٰ أدومها وإن قل.

ألهمَنَا اللهُ وإياكم حُسن المتابعة، وجنّبنا الهوىٰ والمخالفة».