قَالَ الله تَعَالىٰ: {يَستَخفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَستَخفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُم إِذ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرضَىٰ مِنَ ٱلقَولِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: 108].
1) ذم ذي الوجهين، الذي يأتي هذا بوجه، وهذا بوجه، لأنه من صفات المنافقين.
2) من علامة خذلان الإنسان أن يخشىٰ الناس ولا يخشىٰ الله تعالىٰ.
1/1540ــ وعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ. خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلامِ إذا فَقُهُوا، وَتجدُونَ خِيَارَ النّاسِ في هذا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً، وَتَجدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتي هؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وهؤُلاَءِ بِوَجْهٍ». متفقٌ عليه.
معادن: المعدن: الشيء المستقر في الأرض، والمراد في الحديث: أنهم ذوو أصول ينسبون إليها ويتفاخرون بها.
الشأن: الإمارة والمنصب.
1) أعلىٰ مراتب الشرف هو الفقه في الدين، فهنيئاً لعبد فقه في شرع الله تعالىٰ.
2) تحريم المداهنة والمخادعة ، لما فيها من الإفساد بين الناس.
إن إتيان الناس بوجهين لقصد الإصلاح بينهم محمود، مرّخصٌ الكذب فيه، وسبيل ذلك أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرىٰ، ويعتذر لكل واحدة عن الأخرىٰ، وينقل إلىٰ المتخاصمين ما أمكنه من الجميل المليح، ويستر الرذيل القبيح، فهذا من باب إصلاح ذات البين، والله أعلم.
2/1541 ــ وعنْ محمدِ بنِ زَيْدٍ أَنَّ نَاساً قَالُوا لجَدِّه عبدِ الله بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: إنَّا نَدْخُلُ عَلىٰ سَلاطِينِنَا، فنقولُ لَهُمْ بِخلافِ ما نتكلَّمُ إذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ، قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ هذَا نِفاقاً عَلىٰ عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاريّ.
1) علىٰ العبد أن يكون ظاهره كباطنه، وأن يقول الحق ولا يخشىٰ في الله لومة لائم.
2) اعتبار فهم الصحابة رضي الله عنهم لأمور تزكية النفوس وصلاحها، فهم كانوا أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً، وأحسنهم حالاً، وأقومهم هدياً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله تعالىٰ ــ:
«فالعلم المشروع، والنسك المشروع، مأخوذ عن أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم، وأما ما جاء عمن بعدهم، فلا ينبغي أن يُجعل أصلاً، وإن كان صاحبه معذوراً، بل مأجوراً، لاجتهاد أو تقليد.
فمن بنى الكلام في العلم: الأصول والفروع، علىٰ الكتاب والسنة، والآثار المأثورة عن السابقين، فقد أصاب طريق النبوة. وكذلك من بنىٰ الإرادة، والعبادة، والعمل، والسماع المتعلق بأصول الأعمال وفروعها من الأحوال القلبية، والأعمال البدنية، على الإيمان والسنة والهدىٰ، الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقد أصاب طريق النبوة.
وهذه طريقة أئمة الهدىٰ تجد الإمام أحمد إذا ذكر (أصول السنة)، قال: هي التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم». (الفتاوى: 10/363).