والمرادُ بِهِ الحديثُ الذي يكونُ مُبَاحاً في غيْرِ هذا الوقت، وفِعلُه وتَركُهُ سواءٌ، فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُحَرَّمُ أو المكْرُوهُ في غَيْرِ هذا الوَقْتِ، فَهُوَ في هذا الوَقْتِ أَشَدُّ تَحْرِيماَ وَكَرَاهَةً. وَأَمَّا الحَديثُ في الخَيرِ كَمُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ، وحِكاياتِ الصّالحِينَ، وَمَكارِمِ الأخْلاقِ، والحَدِيثِ مَعَ الضَّيْفِ وَمَعَ طالِبِ حَاجَةٍ، وَنَحْوَ ذلكَ، فَلا كَرَاهَةَ فِيهِ، بل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَكذا الحَدِيثُ لِعُذْرٍ وعارِضٍ لا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الأحَادِيثُ الصّحيحة علىٰ كُلِّ مَا ذَكَرتُهُ.
1/1746 ــ عَنْ أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قبْلَ العِشَاءِ، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا. متفقٌ عليه.
1) كراهة النوم قبل صلاة العشاء خوفاً من فوات وقتها.
2) كراهية الحديث والسمر بعد العشاء لغير مصلحة، خشية التأخّر عن النوم، مما يؤدي إلىٰ فوات صلاة الليل، وصلاة الفجر.
2/1747 ــ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَلَّىٰ العِشَاءَ في آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلمَّا سَلَّمَ قَالَ: «أَرَأَيْتكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذهِ؟ فَإنَّ عَلىٰ رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَىٰ مِمَّنْ هُوَ عَلىٰ ظَهْرِ الأرْضِ اليَومَ أَحَدٌ». متفقٌ عليه.
1) جواز الحديث بعد العشاء بالعلم وبما فيه مصالح المسلمين، ويدخل في ذلك الحديث مع الضيف أو الزوجة أو في قضاء حوائج المسلمين.
2) هذا الحديث من دلائل النبوة، فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مغيَّب وقع كما أخبر، فإن آخر من بقي من الصحابة أبو الطفيل عامر بن واثلة، وقد ذكر أهل العلم أنه آخر الصحابة موتاً؛ تُوفِّي سنة 110هـ.
3/1748 ــ وَعَنْ أَنسٍ رضي الله عنه أَنَّهم انْتَظَرُوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءهُمْ قَرِيباً مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، فَصَلَّىٰ بِهِم، يَعْني العِشَاءَ، قَالَ: ثُمَّ خَطَبَنَا، فَقَالَ: «أَلا إنَّ النَّاسَ قَدْ صَلُّوا، ثُمَّ رَقَدُوا، وَإنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا في صَلاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاةَ». رواه البخاري.
شطر الليل: نصفه.
1) استحباب تأخير صلاة العِشاء أحياناً ما لم يشق ذلك علىٰ جماعة المسجد.
2) بيان فضل الله علىٰ عباده، فإنه سبحانه يعطيهم الأجر ما داموا في انتظار العبادة.