قال الله تعالىٰ: {وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۗ} [النساء: 36].
1) القيام بحق الجار وصية الله تعالىٰ لعباده؛ فقد جمع بين القيام بالعبودية لله تعالىٰ والوصية بالجار.
2) حفظ حق الجار يكون بالإحسان القولي والفعلي، وكف الأذىٰ عنه.
1/303 ــ وعن ابنِ عُمرَ وعائشةَ رضي الله عنهما قالا: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « مَا زَالَ جِبريلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّىٰ ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». متفقٌ عليه.
سيورثه: سينزل الوحي بتوريثه لشدة العناية.
1) للجار حق عظيم، فيجب حفظ جواره، ومراعاته بالإحسان إليه، ودفع الضرر عنه.
2) جواز التحدث بما يقع في النفس من أمور الخير.
2/304 ــ وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أبَا ذرٍّ، إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ ماءَها، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ». رواه مسلم.
وفي رواية له عن أبي ذرٍّ قال: إن خليلي صلى الله عليه وسلم أَوْصَاني: «إذا طَبَخْتَ مَرَقاً فَأَكْثِرْ مَاءَه، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ».
1) استحباب التهادي بين الجيران؛ لأن ذلك يورث المحبة، ويزيد المودة.
2) عدم احتقار شيء من أفعال الخير وإن قلّت، فإنها كلها من المعروف.
3) كمال هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقد حثَّ علىٰ كل ما يقوي الصلة بين المؤمنين.
3/305 ــ وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «واللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ». قِيلَ: مَنْ يَا رسولَ الله؟ قالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ». متفقٌ عليه.
وفي روايةٍ لمسلم: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ».
«الْبَوَائِق»: الْغَوائِل وَالشُّرُورُ.
لا يؤمن: هذا نفيٌّ لكمال الإيمان.
1) تحريم العدوان علىٰ الجار، سواء كان ذلك بالقول؛ بأن يسمع منه مايزعجه ويُحزنه، أو بالفعل بإلقاء مايؤذي عند بيته، ونحو ذلك.
2) إن كف الأذىٰ والعدوان عن الجيران من كمال الإيمان، والموفق من عباد الله تعالىٰ من سعىٰ في تكميل إيمانه.
4/306 ــ وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ لا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتهَا وَلَوْ فِرسِنَ شَاةٍ». متفقٌ عليه.
فِرسن: هو بمثابة الحافر للدابة، والقدم للإنسان.
1) مهما قَلَّ المعروف وصغر فإنه عظيم عند الله تعالىٰ ، وهو علامةٌ علىٰ صحة إيمان العبد.
2) الحث علىٰ وعظ النساء وترغيبهن في الإحسان إلىٰ الجيران.
5/307 ــ وعنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً في جِدَارِهِ». ثُمَّ يقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا لي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضينَ! واللهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِـكُمْ. متفق عليه.
رُوِي «خَشَبَهُ» بالإضَافَةِ والجَمْعِ، وَرُوِيَ «خَشَبَةً» بالتَّنْوِينِ عَلىٰ الإفْرَادِ. وقوله: ما لي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، يَعْني عَنْ هذِهِ السُّنَّةِ.
1) لايحل للجار أن يمنع جاره من فعل ما يُصلح بيته، من غير ضررٍ يلحقه.
2) التعاون بين الجيران والتسامح بينهم من حقوق الجار.
3) الإنكار علىٰ من ترك أمراً شرعياً بما يناسب المقام، إذ تعليم الناس، والدعوة إلىٰ الخير، من أحسن الأعمال.
6/308 ــ وعنه أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يؤْمنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَسْكُتْ». متفق عليه.
7/309 ــ وعن أَبي شُرَيْحٍ الخُزاعِيِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيُحْسِنْ إلىٰ جَارِهِ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله واليَوْمِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ». رواه مسلم بهذا اللفظ، وروىٰ البخاري بعضه.
1) إن إلحاق الضرر بالجار قولاً أو فعلاً مُنافٍ لكمال الإيمان، ومنافٍ لصفات عباد الرحمن.
2) القيام بحق الضيف من خصال المؤمنين.
3) علىٰ العبد مراقبة لسانه، فإما أن يقول خيراً فيغنم أو يسكت فيسلم، فالخير كله في إمساك اللسان عن اللغو. ومن الحكم المأثورة: «البلاء موكل بالقول».
8/310 ــ وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسولَ الله إنَّ لي جَارَيْنِ، فَإلىٰ أَيـِّهمَا أُهْدِي ؟ قال: «إلىٰ أَقْرَبهِمَا مِنْكِ بَاباً». رواه البخاري.
1) الوصية النبوية بمراعاة شعور الجار الأقرب.
2) كلما قرب الجار زاد حقه علىٰ جاره، والقرب المعتبر هو قرب الأبواب.
3) حرص الصحابة رضي الله عنهم علىٰ تعلم العلم قبل العمل، وهذا هو شأن الموفَّق : يَعْلَمُ ثم يعمل.
9/311 ــ وعن عبدِ الله بنِ عُمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ الله خَيْرُهُمْ لصَاحِـبِهِ، وخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ الله تعالىٰ خَيْرُهُمْ لجَارِهِ». رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
1) الحث علىٰ تعظيم الصحبة الإيمانية؛ فإن خير الأصحاب أكثرهم نفعاً لصاحبه.
2) مَن قام بحفظ الجار والإحسان إليه، فهو من خير الجوار عند الله تعالىٰ.
3) اتباع هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه كل الخير والمحبة والألفة بين أهل الإيمان، قال تعالىٰ: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ}