قال الله تعالىٰ: {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [آل عمران: 31]، وقال تعالىٰ: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54].
1) الآية الأولىٰ : {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ}. تسمىٰ آية المحنة، يُمتحن بها من ادعىٰ محبة الله، فينظر إن كان متابعاً رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهذا دليل علىٰ صدق دعواه.
2) إن الله تعالىٰ إذا أحب عبده نال بهذه المحبة سعادة الدنيا والآخرة.
3) من أعرض عن حب الله تعالىٰ، وتولىٰ عن قربه، استبدل الله به من هو أولىٰ بالمحبة منه.
1/386 ــ وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تَعَالَىٰ قال: مَنْ عَادَىٰ لِي وَليَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّىٰ أُحِبَّهُ، فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بِهَا، وَإنْ سَألَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَلَئِن اسْتَعَاذَني لأُعِيذَنَّه». رواه البخاري.
معنىٰ «آذَنْتُهُ»:أَعْلَمْتُهُ بِأَنِّي مُحَارِبٌ له. وقوله: «اسْتَعَاذَني» روي بالباءِ وروي بالنون.
ولياً: الولي، هو: المؤمن التقي.
1) الفرائض أحب إلىٰ الله من النوافل، فكل ماكان في الشرع أوجب، فهو إلىٰ الله تعالىٰ أحب.
2) من أسباب نيل محبة الله أن تكثر من النوافل والتطوع.
3) السَّداد ثمرة الطاعة، فالتزام فرائض الله تعالىٰ، والمحافظة علىٰ النوافل، تُثمر للعبد السداد، في الأقوال والأفعال وسائر الأحوال.
2/387 ــ وعنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا أَحَبَّ الله تعالىٰ العَبْدَ نَادَىٰ جِبْرِيلَ: إنَّ اللهَ تعالىٰ يُحِبُّ فُلاناً فَأَحْبِبْهُ، فَيُحبُّه جِبْريلُ، فَيُنَادي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاناً فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوْضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ». متفقٌ عليه.
وفي روايةٍ لمسلمٍ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله تعالىٰ إذَا أَحَبَّ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ، فقال: إنِّي أُحِبُّ فُلاناً فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي في السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاناً فَأَحِبّوهُ، فَيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأَرْضِ. وإذا أبْغَضَ عَبْداً دَعا جِبْرِيلَ، فيقُولُ: إنِّي أُبْغِضُ فُلاناً، فَأَبْغِضْهُ، فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ الله يُبْغِضُ فُلاناً، فَأَبْغِضُوهُ، فَيُبْغِضهُ أَهْلُ السَّماءِ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ البَغْضاَءُ في الأَرْضِ».
أهل السماء: الملائكة.
1) من علامات محبة الله أن يُوضع للعبد القَبول في الأرض، بأن يكون مقبولاً لدىٰ المؤمنين، محبوباً إليهم.
2) المعيار في محبة الإنسان وبغضه إنما هم أهل الفضل والخير، ولايضر في ذلك كراهية الفُسَّاق الرجلَ الصالح، وحبهم الفاسقين أمثالهم.
3/388ــ وعن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلاً عَلىٰ سَرِيَّةٍ، فَكَانَ يَقْرَأُ لأَصحَابِهِ في صَلاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بـ {قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ}، فلَمَّا رَجَعُوا، ذَكَرُوا ذلِكَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: «سَلُوهُ لأيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذلِكَ؟» فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لأنَّها صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ تعالىٰ يُحِبُّهُ». متفقٌ عليه.
سريّة: القطعة من الجيش.
1) كان الصحابة رضوان الله عليهم يسارعون إلىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستفتونه في كل ما جدّ لهم مما لم يعرفوا حكمه، وهذا من تمام ورعهم وفضلهم رضي الله عنهم.
2) فضل سورة الإخلاص؛ لأنها اشتملت علىٰ ما يجب لله سبحانه من التوحيد، فهذه السورة في ذكر صفات الرحمن سبحانه.
3) مَنْ تقرَّب إلىٰ الله بعمل يحبه مولاه أحبَّه الله تعالىٰ.
4) إنّ مِن أعظم ما يتقرب به العبد لينال محبة الله تعالىٰ، هو تحقيق التوحيد؛ ولذلك كانت هذه السورة في بيان التوحيد الواجب علىٰ العبيد.