قال الله تعالىٰ: {فَأَمَّا مَن أَعطَىٰ وَٱتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِٱلحُسنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِليُسرَىٰ} [الليل:5 ــ7]، وقال تعالى {وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتقَى * ٱلَّذِي يُؤتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ * وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعمَة تُجزَىٰٓ * إِلَّا ٱبتِغَآءَ وَجهِ رَبِّهِ ٱلأَعلَىٰ * وَلَسَوفَ يَرضَىٰ} [الليل: 17_21] ، وقال تعالىٰ: إِن تُبدُواْ ٱلصَّدَقَٰتِ فَنِعِمَّا هِيَۖ وَإِن تُخفُوهَا وَتُؤتُوهَا ٱلفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيرٞ لَّكُم وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَئَِّاتِكُمۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِيرٞ} [البقرة: 271]، وقال تعالىٰ: {لَن تَنَالُواْ ٱلبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيء فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} [آل عمران: 92] ، والآيات في فضلِ الإنفاقِ في الطاعات كثيرةٌ مَعْلُومَةٌ.
1) ترغيب المؤمنين بالإنفاق في وجوه الخير ابتغاء وجه الله تعالىٰ.
2) فضل الغنيِّ التقي إذا أحسن بذل المال في وجوهه المُرَغَّب بها شرعاً.
1/571 ــ وعن عبدِ الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَينِ: رَجُلٌ آتاهُ اللهُ مَالاً، فَسَلَّطَهُ عَلىٰ هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتاهُ الله حِكْمَةً، فَهُو يَقضِي بِها ويُعَلِّمُهَا». متفقٌ عليه، وتقدم شَرحُه قريباً.
2/572 ــ وعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رجُلٌ آتاهُ اللهُ القُرْآنَ، فهو يَقُومُ بِهِ آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتاهُ الله مالاً، فهوَ يُنْفِقهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهَارِ». متفقٌ عليه.
(الآناءُ): السَّاعَاتُ.
1) الموفق من أتاه الله مالاً ينفقه في رضاه، فهذا من أحسن ما يتنافس فيه المتنافسون.
2) المال وديعة، ولابد يوماً أن تُسترجع الودائع والأمانات. فَلْيتقِ العبدُ ربَّه في المال من أين أخذه وفيمَ أنفقه؟.
3/573 ــ وعَنَ أبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ فُقَرَاءَ المُهَاجِرِينَ أتَوْا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرَجاتِ العُلَىٰ والنَّعِيمِ المُقِيمِ، فَقَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» فقَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ ولا نتصَدَّقُ، ويَعتِقُونَ ولا نَعتِقُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئاً تُدرِكونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنكُمْ إلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ ما صَنَعْتُمْ؟» قالوا: بَلَىٰ يا رسولَ الله، قَالَ: «تُسَبِّحُونَ، وتَحْمدونَ، وتكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ ثلاثاً وثَلاثينَ مَرَّةً» . فرَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إلىٰ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: سمعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الأَموَالِ بِمَا فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ! فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ». متفق عليه، وهذا لفظ رواية مسلم.
«الدُّثُورُ»: الأَموالُ الكَثِيرَةُ، والله أعلم.
1) فضل الصحابة رضي الله عنهم في تسابقهم إلىٰ الخير، وحرصهم علىٰ أبواب الطاعات.
2) علىٰ العبد إذا آتاه الله المال أن يبذله فيما يرضي به ربه، فهذا هو الذي يُحسد عليه.
3) وجوه الخير كثيرة، وطرق الأجر متعددة، ومن ذلك الإنفاق في سبيل الله تعالىٰ.
4) فضل الله واسع عظيم، يؤتيه من يشاء، ولايجوز الاعتراض علىٰ قَدَرِ الله فيما فاضل فيه بين العباد.