اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

99 ــ باب استحباب تقديم اليمين في كلّ ما هو من باب التكريم

كالوضوء والغُسْلِ والتَّيَمُّمِ، ولُبْس الثَّوْبِ والنَّعْلِ والخُفِّ والسَّرَاويلِ، ودخولِ المسجدِ، والسِّواكِ، والاكْتحَالِ، وتقليمِ الأَظْفَارِ، وَقَصِّ الشَّاربِ، ونَتْفِ الإِبْطِ، وحلقِ الرَّأسِ، والسَّلام من الصَّلاة، والأكل والشربِ، والمُصَافَحَة، واسْتِلامِ الحَجَرِ الأسودِ، والخروجِ من الخَلاء، والأخذِ والعَطَاءِ، وغير ذلك مما هو في معناه.

ويُسْتَحَبُّ تقديم اليسار في ضِدِّ ذلكَ، كالامْتِخَاطِ والبُصَاقِ عن اليسارِ، ودُخولِ الخَلاءِ، والخروجِ مِن المسجِدِ، وخَلْعِ الخُفِّ والنَّعْلِ والسراويل والثوب، والاسْتِنْجاءِ وفِعلِ المُسْتَقْذَراتِ، وأشباه ذلك.

قال الله تعالىٰ: {فَأَمَّا مَن أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقرَءُواْ كِتَٰبِيَه} الآيات [الحاقة: 19].

وقال تعالىٰ: {فَأَصحَٰبُ ٱلمَيمَنَةِ مَآ أَصحَٰبُ ٱلمَيمَنَةِ * وَأَصحَٰبُ ٱلمَش‍َٔمَةِ مَآ أَصحَٰبُ ٱلمَش‍َٔمَةِ} [الواقعة: 8 ــ 9].

هداية الآيات:

1) أهل اليمين هم أهل الفضائل الدائمة في الدنيا وفي الآخرة.

2) من كان من أهل الطاعات والخير في الدنيا، وفّقه الله لأن يكون من أهل اليمين يوم القيامة.

1/721 ــ وعن عائشةَ رضي الله عنها قالَتْ: «كَانَ رسولُ الله يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ في شَأْنِه كُلِّه: في طُهَورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وتَنَعُّلِه». متفقٌ عليه.

2/722 ــ وعنها قالتْ: «كانَتْ يَدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم اليُمْنىٰ لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وكَانَتْ اليُسْرَىٰ لِخَلائِهِ وَما كَانَ مِنْ أَذىً». حديث صحيح، رواه أبو داود وغيره بإسنادٍ صحيحٍ.

غريب الحديث:

تَرَجُّلِهِ: الترجُّل: تسريح الشعر.

هداية الأحاديث:

1) يستحسن البداءة باليمين في كلّ شيء مستحسن، ومن ذلك ميامن أعضاء الجسد عند الوضوء أو الغسل، أو تصفيف الشعر أو حلقه، أو لبس النعال.

2) تستعمل اليد اليسرىٰ في ما لا تكريم فيه، كإزالة الأذىٰ.

فائدة:

اليمين محل الإكرام، فيستحب إبعادها عن كلّ شيءٍ مستقذر، فاليسرىٰ للأذىٰ واليمنىٰ لما سوىٰ، وهذا يدل علىٰ عناية الشريعة بتنظيم الأمور وترتيبها في حياة المؤمنين، وهذا من كمال الدين.

3/723 ــ وعن أُمِّ عَطِيّةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لَهُنَّ في غَسْلِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ رضي الله عنها: «إِبْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا». متفقٌ عليه.

هداية الحديث:

1) المرأة لا يُغسِّلها إلا زوجها أو النساء، ولا يجوز للرجال تغسيلها.

2) السُّنّة في غسل الميت البدء بميامنه ومواضع الوضوء منه، لشرفها علىٰ سائر الجسد.

4/724 ــ وعن أبي هُريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله قال: «إذا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ باليُمْنىٰ، وَإذا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ. لِتكُنِ اليُمْنَىٰ أَوَّلَهُما تُنْعَلُ، وآخِرَهُمَا تُنْزَعُ». متفقٌ عليه.

5/725 ــ وعن حَفْصَةَ رضي الله عنها «أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ يَسَارَهُ لِمَا سِوَىٰ ذلِكَ». رواه أبو داود والترمذي وغيره.

6/726 ــ وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا لَبِسْتُمْ، وَإذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَؤُوا بِأَيَامِنِكُمْ». حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.

هداية الأحاديث:

1) استحباب بدء الانتعال باليمين، والنزع بالشمال، وهذا يدلّ علىٰ أن الكرامة تكون لليمين.

2) استحباب التيامن في الوضوء والطعام والشراب ولبس الثياب، واليد اليسرىٰ تستعمل لإزالة الأذىٰ وعند نزع الثياب والنعال.

7/727 ــ وعن أنس رضي الله عنه «أنَّ رسولَ الله أتىٰ مِنىً، فَأَتَىٰ الجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَىٰ مَنْزِلَهُ بِمِنىً، وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلحَلَّاقِ: «خُذ»، وَأَشَارَ إلىٰ جَانبِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، ثمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ». متفقٌ عليه

وفي روايةٍ: «لمَّا رَمَىٰ الجَمْرَةَ، وَنَحَرَ نُسُكَهُ، وَحَلَقَ، نَاوَلَ الحَلَّاقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأنصَارِيَّ رضي الله عنه، فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ، ثمَّ نَاوَلَهُ الشقَّ الأيْسَرَ، فقال: «احْلِقْ» فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أبَا طَلحةَ، فقال: «اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ».

غريب الحديث:

نُسُكَهُ: هديه الذي ساقه معه صلى الله عليه وسلم في حجته.

هداية الحديث:

1) من الهدي المستحب إذا أراد الإنسان أن يحلق أو يقصّر، أن يبدأ بالجانب الأيمن.

2) كان الصحابة رضي الله عنهم يتبرّكون بشعر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وثيابه وعرقه، ولكن غيره لا يُتَبَرَّكُ بشيءٍ من آثاره، ولو كان من الصالحين، فهذا مخصوص بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. ولا يُقاس أحد عليه، لاختصاصه بمقام النبوة.

3) من الناس من يخصّه الله بفضيلة، فخُصّ أبو طلحة رضي الله عنه بالجانب الأيمن كلّه من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان في الصحابة من هو أفضل منه، ولكن فضل الله _عز وجل_ يؤتيه من يشاء.

4) مَن قصد اتّباع السُّنّة في البدء باليمين لما هو من التكريم، والبدء باليسار لما هو من الأذىٰ، أُثيب بالأجر العظيم، علىٰ قصد اتّباعه للسُّنّة النبوية، وإحيائها وتعظيمها.