اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

138ــ باب تحريم ابتداء الكافر بالسلام وكيفية الردّ عليهم واستحباب السلام عَلَى أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار

1/866 ــ عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تبدؤوا اليَهُودَ ولا النَّصَارىٰ بالسَّلام، فإذا لقيتُم أحَدَهم في طريق فاضطرُّوهُ إلَىٰ أضيقه». رواه مسلم.

غريب الحديث:

فاضطروه: ألجِئُوه إلى الضيق عند عدم سعة الطريق، بحيث يكون للمسلم أوسعه وللكافر أضيقه، وليس المعنىٰ مزاحمته قصداً مَعَ سعة الطريق.

هداية الحديث:

1) لا يجوز ابتداء الكافر بالسلام؛ لأن في ذلك إكراماً لَهُ، والكافر ينبغي أن يذل ولا يعز.

2) إغاظة الكفار بالقول والفعل أمر مقصود شرعاً، لكن نغيظهم دون أن نظلمهم، أو ننقض العهد معهم. فنقيم العدل، ونجانب الظلم.

فائدة:

إن قيل: هل يجوز أن يبدأ المسلمُ الكافرَ بغير السلام، من مثل قوله: كيف حالك؟ أو كيف أصبحت أو أمسيت؟ أو عافاك الله، ونحوها...

فالجواب: إن هذا جائز ولا بأس به، لأنه سؤال معتاد، ودعاء له بسلامة قلبه من الشرك. وأما النهي المذكور في الحديث فإنما هو عن تحية الإسلام.

2/867 ــ عن أنَس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذَا سَلَّم عَلَيْكُمْ أهلُ الكتَاب فقولُوا: وعَلَيْكُمْ». متفق عليه.

فائدة:

للحديث سبب ورود يحسن ذكره لفهم الحديث، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن رهطٌ منَ اليهودِ علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السَّامُ عليكم، فقالت عائشة: بل عليكم السَّامُ واللّعنةُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائشةُ، إنَّ اللهَ يُحبُّ الرِّفقَ في الأمر كلِّه» قالت: أَلَمْ تسمعْ ما قالوا؟ قال: «قد قلت: وعليكم» رواه مسلم.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اليهودَّ إذا سلَّمُوا عليكم، يقول أحدهم: السَّامُ عليكم، فقل: عليك». رواه مسلم.

ومعنىٰ السام: الموت والهلاك.

فتبيّن من الحديثَيْن: أنّ الاكتفاءَ بالرَّدِّ بقول: «وعليكم» فيما إذا قصدوا المعنىٰ السيء: «السام» وهو الموت، أما إذا سلَّمُوا السّلامَ الشرعيَّ: «السلام عليكم» فَنَرُدُّ عليهم الرد الشرعي وفق منهج القرآن: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّة فَحَيُّواْ بِأَحسَنَ مِنهَآ أَو رُدُّوهَآۗ}.

هداية الحديث:

1) المؤمنُ كيِّسٌ فَطِنٌ، لا ينخدع بمكر الكافرين، وطعنهم فيه، بل هُوَ عَلَىٰ نور وبصيرة من هدي الكتاب والسُّنَّة.

2) جواز مقابلة العدوان والظلم بمثله، من غير تعدٍّ أوطغيان.

3) شفقة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَىٰ أمته، فقد علّمهم من مكر أعدائهم ما يحذرون منه.

3/868 ــ عن أسَامَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ عَلَىٰ مجلسٍ فيه أخلاطٌ من المُسْلمين والمُشركينَ ــ عبَدَةِ الأوثَانِ ــ واليَهُودِ، فَسلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم. متفقٌ عليه.

هداية الحديث:

1) جواز السلام عَلَىٰ مجلس فيه أخلاط من المسلمين والكافرين، ويَقصد بالسلام أهل الإسلام.

2) من الحكمة في النهي عن ابتداء الكافر بالسلام أن «الإسلام يعلو ولا يُعلىٰ» حديث صحيح، رواه الدارقطني في سننه.