اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

142ــ باب استحباب تشميت العاطس إذَا حَمد الله تَعَالَى وكراهة تشميته إذَا لم يحمد الله تَعَالَى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب

1/878 ــ عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ يُحبُّ العُطَاسَ، ويَكرَهُ التَّثَاؤبَ، فإذا عَطَسَ أحدُكُمْ، وحَمدَ اللهَ تَعَالَىٰ، كانَ حقَّاً عَلَىٰ كُلِّ مسلم سمعَهُ أن يقول لَهُ: يَرْحَمُكَ الله، وأمَّا التَّثَاؤُبَ فإنَّما هُوَ منَ الشَّيْطَان، فإذا تَثَاءَبَ أحَدُكُمْ فلْيَرُدَّهُ ما اسْتَطَاعَ، فإنَّ أحَدَكُمْ إذَا تَثَاءَبَ ضَحكَ منْهُ الشَّيْطَانُ». رواه البخاري.

هداية الحديث:

1) العطاس يحبُّه اللهُ؛ لأنه يدل عَلَىٰ النشاط والخفة، والله يحب العبد الهُمام في الخير، الجاد القوي.

2) التثاؤب يحبُّه الشيطان؛ لأنه يدل عَلَىٰ الكسل والفتور، والشيطان يعجبه الكسلان الضعيف.

3) إن تشميت العاطس حق له عَلَىٰ كل سامع، فواجب عينٍ عَلَىٰ كل من سمع حمده أنْ يشمِّتَه.

4) استحباب رَدِّ التثاؤب ما استطاع؛ لأن الشيطان يضحك من المتثائب، كعلامة علىٰ كسله وفتوره.

5) إظهار حمد الله تَعَالَىٰ علىٰ نعمه، ومنها: نعمة العطاس، فالنعم تقابل بالشكر والحمد.

2/879 ــ وعَنْه عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا عَطَسَ أحدُكُم فَلْيَقُلْ: الحمدُ لله، ولْيَقُلْ لَهُ أخُوهُ أو صاحبُهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فإذا قَالَ لَهُ: يَرْحمُكَ اللهُ، فَلْيقُلْ: يَهديكُمُ اللهُ ويُصْلحُ بالَكُمْ». رواه البخاري.

3/880 ــ عن أبي موسىٰ رضي الله عنه قَالَ: سمعت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إذَا عَطَسَ أحدُكُم فحمدَ اللهَ فَشَمِّتُوهُ، فإنْ لم يَحْمَدِ الله فلا تُشَمِّتُوهُ». رواه مسلم.

4/881 ــ عن أنَس رضي الله عنه قَالَ: عَطَسَ رجُلان عندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فشَمَّتَ أحَدَهُمَا ولمْ يُشَمِّت الآخَرَ، فَقَالَ الذي لَمْ يُشمِّتْهُ: عَطَسَ فُلان فَشَمَّتَّهُ، وعَطَسْتُ فلم تُشَمِّتْني؟ فَقَالَ: «هذا حَمِدَ اللهَ، وإنَّكَ لَمْ تَحمَد اللهَ». متفقٌ عليه.

هداية الأحاديث:

1) الجزاء من جنس العمل؛ فمن قَالَ: «الحمد لله» عند عطاسه ناسب أن يُقال لَهُ: «يرحمك الله»، فيُدعَىٰ لَهُ بالرحمة جزاءً لَهُ عَلَىٰ حمده الله _عز وجل_.

2) أهل الإيمان يكمّل بعضهم بعضاً، فهم كالبنيان المرصوص في تعاونهم.

3) من لم يحمدِ اللهَ فلا نشمته، لكن نعلّمه أدب السُّنَّة في العطاس.

4) من هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تعليم الأمة ما هُوَ خيرٌ لها من الآداب الشرعية.

تنبـيــه:

هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في جواب العاطس أن يقول لمن شمّته: «يهديكم الله ويصلح بالكم». أو يقول: «يغفر الله لنا ولكم» مما هو وارد مأثور. أما قول العامة: «يهدينا ويهديكم الله» ونحو ذلك من العبارات المحدثة، فكل ذلك خلاف السُّنَّة النَّبويَّة، والله _عز وجل_ يقول: {لَّقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَة لِّمَن كَانَ يَرجُواْ ٱللَّهَ وَٱليَومَ ٱلأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرا}، والأذكار مبناها عَلَىٰ التزام السُّنَّة والاتّباع، ومجانبة المخالفة والابتداع.

5/882 ــ وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كان رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أو ثَوْبَهُ عَلَىٰ فيه، وَخَفَضَ أو غَضَّ بهَا صوتَهُ. شَكَّ الراوي. رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

هداية الحديث:

1) من الآداب الفعلية النبوية للعطاس: وضعُ العاطسِ يدَه أو ثوبَه عَلَىٰ وجهه، وفي ذلك حِكَم، منها:

أ ــ صيانةً وحفظاً للحاضرين، ألَّا يخرجَ مَعَ العطاس ما يضرّهم، مما ينتقل عن طريق العدوىٰ.

ب ــ ألاّ تتقزّزَ النفوس بما يخرج من الأنف مَعَ العطاس.

2) تكريم هذه الشريعة للمؤمن، بما أرشدت إليه مِن جملة الآداب، التي يتجمل بها في نفسه ومع النَّاس.

3) استحباب خفض الصوت في العطاس، لئلا يتأذّىٰ الحاضرون.

6/883 ــ وعن أبي موسىٰ رضي الله عنه قَالَ: كان اليهودُ يَتَعَاطَسُونَ عندَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، يَرْجُونَ أنْ يقولَ لهمْ: يَرْحَمُكُمُ اللهُ، فيقولُ: «يَهديكمُ اللهُ ويُصلحُ بالَكُمْ».

رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

غريب الحديث:

يتعاطسون: يتكلفون العطاس ويتصنعونه.

هداية الحديث:

1) الدعاء بالرحمة مختص بأهل الإيمان، أما الكافر فيُدعىٰ لَهُ بالهداية.

2) اليهود قوم مغضوب عليهم، عرفوا الحق وجحدوه، فقد كانوا يعلمون صدق رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ، ويرجون بركة دعائه لهم.

7/884 ــ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذَا تَثَاءَبَ أحَدُكُمْ فلْيُمْسكْ بيَدِه عَلَىٰ فيهِ، فإنَّ الشَّيْطانَ يَدْخُلُ». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) إثبات دخول الشيطان بدن الإنسي عند التثاؤب وفتح الفم.

2) بيان الشريعة للحصن الذي يحمي المؤمن به نفسه من الشيطان عند التثاؤب.

3) التصديق بخبر الله _عز وجل_ ، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو حق اليقين وإن لم نشاهده بالعين، وهذا من التسليم للوحي، الواجب علىٰ كل مسلم.