اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

186 ــ باب فضل الأذان

1/1033ــ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ والصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ، ولَوْ يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لاسْتبَقُوا إلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ لأَتَوهُمَا وَلَو حَبْواً». متفق عليه.

«الاسْتِهَامُ»: الاقْتراعُ، و«التَّهْجِيرُ»: التَّبْكِيرُ إلىٰ الصَّلاةِ.

غريب الحديث:

النداء: الأذان.

العتمة: صلاة العشاء.

هداية الحديث:

1) فضيلة الأذان؛ فهو من أفضل الأعمال لما فيه من النفع العام، من تعظيم الله تعالىٰ بالتوحيد، ودعوة النَّاس إلىٰ أعظم العبادات.

2) الأذان أفضل من الإمامة، قَالَ العلماء: لأنه اشتمل علىٰ توحيد الله تعالىٰ، والشهادة للرسول بالرسالة، وهذا يبين لنا عِظَم الدعوة إلىٰ التوحيد، والاتباع.

3) الترغيب بالمنافسة بين المؤمنين في القُرَب والطاعات ، فعلىٰ المؤمن أن يغتنم فرص الخير والطاعة، ومن ذلك شأن المبادرة إلى الأذان.

2/1034ــ عَنْ معاويةَ رضي الله عنه قَالَ: سمعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «المؤذِّنُون أطوَلُ النَّاسِ أعناقاً يومَ القيامةِ». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) المؤذنون أطول النَّاس أعناقاً يوم الحساب، يُعرفون بذلك تعريفاً بفضلهم وإظهاراً لشرفهم.

2) الجزاء من جنس العمل؛ فرؤوس المؤذِّنين تعلو يوم القيامة، لأنهم أعلَوْا توحيد الله تعالىٰ في الأرض.

3/1035 ــ وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمن بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ لَهُ: «إنِّي أَرَاكَ تُحبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإذَا كُنْتَ في غَنَمِكَ ــ أَوْ بَادِيَتِكَ ــ فَأَذَّنْتَ للصَّلاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بالنِّدَاءِ، فَإنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَىٰ صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلا إنْسٌ وَلا شَيْءٌ، إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قال أبو سعيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله. رواه البخاري.

غريب الحديث:

مدىٰ صوت المؤذن: غاية الصوت.

هداية الحديث:

1) الحيوانات، بل وحتىٰ الجمادات، تشهد للمؤذن يوم القيامة، وهذا من فضل الأذان وشرفه.

2) استحباب الأذان عند حضور الصَّلاة.

3) استحباب رفع الصوت في الأذان، وأن يكون المؤذن قوي الصوت.

4/1036ــ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذَا نُودِيَ بالصَّلاةِ أدبَرَ الشَّيطانُ، لَهُ ضُراطٌ حَتَّىٰ لا يَسْمَعَ التَّأذينَ، فإذا قُضيَ النِّداءُ أقبَلَ، حَتَّىٰ إذَا ثُوِّبَ للصَّلاة أدْبَرَ، حَتَّىٰ إذَا قُضيَ التَّثويبُ أقْبَلَ، حَتَّىٰ يخْطرَ بينَ المَرْء ونفسه، يقولُ: اذْكُرْ كَذا، واذْكُرْ كذا، لما لَمْ يَكُنْ يَذْكُرْ من قبلُ، حَتَّىٰ يظَلَّ الرَّجُل مَا يَدْري كَمْ صَلَّىٰ». متفق عليه.

غريب الحديث:

يخْطِر: يوسوس.

هداية الحديث:

1) بيان فضل الأذان، فهو مطردة للشيطان.

2) حرص الشيطان علىٰ صرف المؤمن عن التفكر بالطاعة، فالواجب علىٰ العبد مجاهدة الشيطان، والاستعاذة من وساوسه، وذلك بصدق اللجوء إلىٰ الله تعالىٰ.

5/1037ــ وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما أنه سَمعَ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّهُ مَنْ صلَّىٰ عَلَيَّ صلاةً صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». رواه مسلم.

6/1038ــ عَنْ أبي سعيد الخُدْريّ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا سمعْتُمُ النِّداءَ فقُولُوا كَمَا يقولُ المُؤذِّنُ». متفق عليه.

7/1039ــ وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللّهم رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَه، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رواه البخاري.

8/1040 ــ وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَع المُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بالله ربّاً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبالإسْلامِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ». رواه مسلم.

هداية الأحاديث:

اشتملت الأحاديث علىٰ عدد من السنن المأثورة والآداب الشرعية في الأذان، وهي:

1) إجابة المؤذن، بترديد مَا يقوله المؤذن، إلَّا في قوله: «حي علىٰ الصَّلاة..» «حي علىٰ الفلاح» فنقول كلمة الاستعانة: «لا حول ولا قوة إلَّا بالله»، أي عزمنا علىٰ الإجابة بالاستعانة بك ياربِّ.

2) استحباب الصَّلاة علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الفراغ من الأذان مباشرة.

3) سؤال الوسيلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أعلىٰ درجة في الجنة، والدعاء له أن يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده عليه الخلق كلهم، وهو مقام الشفاعة يوم القيامة.

4) إن المحافظة علىٰ هذه السنن سبب لغفران الذنوب، وسبب لنيل شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.

9/1041ــ عَنْ أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ لا يُردُّ بينَ الأذَانِ والإقَامَة». رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.

هداية الحديث:

1) اغتنام الأوقات الفاضلة عند الدعاء.

2) بيان أدب الدعاء، وهو أن يقدم العبد قبله المحامد، والصلاة والسلام علىٰ الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه أرجىٰ للإجابة؛ فانظر كيف يُستحَب للسامع أن يجيب المؤذن، وهذا نوعٌ من الثناء علىٰ الله تبارك وتعالىٰ، ثُمَّ يصلِّي علىٰ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأل اللهَ لَهُ الوسيلة، فيكون ذلك أحرىٰ لإجابة دعائه بعد الأذان.

تنبـيــه:

لمّا كان الأذان من ذكر الله تعالىٰ المأثور في السنة النبوية، اعتنىٰ العلماء في المذاهب الفقهية كلها بضبط ألفاظه، واتفقوا علىٰ أن الأذان ينتهي عند قول المؤذن في آخره: «لا إله إلا الله».

وما ورد في الأحاديث المتقدمة من الصلاة علىٰ رسول الله وسؤال الوسيلة له فإنما هو من سنن الأذان التابعة له، ولا يجوز الجهر بها حتىٰ تصير كأنها من الأذان، فهدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي فُعِل في زمانه أنه كان يُؤذَّن، ثم يصلِّي المؤذِّن والسامعون علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم سرّاً، ومن فعل خلاف ذلك فقد خالف السنة النبوية، وخرج عن مذاهب الأئمة، فَلْيحذرِ المؤذِّنون من مخالفة الهدي النبوي، وَلْيحرصُوا علىٰ لزوم السنة، فإنها خير وبركة.