قَالَ الله تعالىٰ: {إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنهَىٰ عَنِ ٱلفَحشَآءِ وَٱلمُنكَرِۗ} [العنكبوت: 45].
1) الصَّلاة التي تنهىٰ عن الفحشاء والمنكر هي التي يقيمها العبدُ علىٰ الوجه الأكمل باطناً وظاهراً، علىٰ هدي صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل الصَّلاة بقلب حاضر، يؤدّيها بجميع أركانها وشروطها وواجباتها وسننها.
2) إن إقامة العبد علىٰ الذنوب والمنكرات سبب يصدُّه عن الصَّلاة، فكما أن الصَّلاة تنهىٰ عن الفحشاء والمنكر، فإن الفحشاء والمنكر تنهىٰ عن الصَّلاة، وعن الأُنْس بها والرغبة فيها.
1/1042ــ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْراً بِبَابِ أَحَدِكُم يَغْتَسِلُ مِنْه كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَىٰ مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟» قَالُوا: لا يَبْقَىٰ مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: «فَذلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا». متفقٌ عليه.
2/1043ــ وعَنْ جابرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مثَلُ الصَّلواتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلىٰ بَابِ أحَدِكُمْ، يغْتسلُ منهُ كلَّ يومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ». رواه مسلم.
الغمر: بفتح الغين المعجمة: الكثير.
درنه: وسخه، فالدرن هو: الوسخ والقذر.
1) الصلوات الخمس يمحو الله بهنّ الخطايا، حَتَّىٰ يصير العبد بها طاهراً نقيّاً من الذنوب.
2) ضرب المثال عند التعليم يسهِّل فهم المسألة.
3) علىٰ حسب قيام العبد بحق الصَّلاة وأدائها علىٰ الوجه الشرعي الصحيح، يكون تكفير الذنوب. فَلْيجتهدِ المؤمن بتعلم صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ليكون لَهُ ثوابُ محوِ الخطايا.
3/1044ــ عَنْ ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ رجُلاً أصَابَ مِن امرأةٍ قُبْلَةً، فأتَىٰ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرَهُ، فأنزلَ الله تعالىٰ: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفا مِّنَ ٱلَّيلِ إِنَّ ٱلحَسَنَٰتِ يُذهِبنَ ٱلسَّئَِّاتِ} [هود: 114] فقال الرَّجُلُ: أليَ هذا؟ قَالَ: «لِجَميعِ أمَّتي كُلِّهمْ». متفق عليه.
1) إظهار رحمة الله تعالىٰ بالأمة المحمدية، حين شرع لها الحسنات التي تمحو السيئات، وتكفّر الخطيئات، فلله تعالىٰ الحمد أولاً وآخراً، ظاهراً وباطناً.
2) الأصل في جميع الأحكام الشرعية أنها عامة لجميع الأمة، إلَّا مَا ورد دليل خصوصية بشخص معين، مثل قوله تعالىٰ: {خَالِصَة لَّكَ مِن دُونِ ٱلمُؤمِنِينَۗ} ونحو ذلك، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
4/1045ــ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصَّلوَاتُ الخمْسُ، والجُمُعَةُ إلىٰ الجُمُعَةِ، كفَّارَةٌ لما بينَهُنَّ، مَا لَمْ تُغشَ الكَبَائر». رواه مسلم.
تُغْشَ: تُؤْتَ.
1) الكبائر لا تكفَّر إلَّا بالتوبة الخاصة، أما الصغائر فهي التي تكفَّر بالصلوات ونحوها من الطاعات.
2) تعظيم قدر الجمعة والجماعات فهي من أسباب الرحمات والكفارات.
5/1046ــ وعن عثمانَ بنِ عفّانَ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما مِنِ امرئ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إلَّا كانَت كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، ما لَمْ تُؤْتَ كَبِيرَةٌ، وذلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ». رواه مسلم.
1) إن إحسان الوضوء والصلاة سبب عظيم لتكفير الخطايا والذنوب الصغائر.
2) ذكر الخشوع في الحديث للتنبيه علىٰ أهميته، فهو روح الصَّلاة قَالَ تعالىٰ: {قَد أَفلَحَ ٱلمُؤمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُم فِي صَلَاتِهِم خَٰشِعُونَ}.