اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

212 ــ باب فضل قيام الليل

قَالَ الله تعالىٰ: {وَمِنَ ٱلَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِۦ نَافِلَة لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاما مَّحمُودا} [الإسراء 79]، وقال: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُم عَنِ ٱلمَضَاجِعِ} [السجدة 16]، وقال: {كَانُواْ قَلِيلا مِّنَ ٱلَّيلِ مَا يَهجَعُونَ} [الذاريات 17].

هداية الآيات:

1) عناية الله تعالىٰ بنبيِّه صلى الله عليه وسلم؛ حين أمره بالتهجّد، ليحصل للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم شرف وفضل المقام المحمود يوم القيامة، وهو مقام الشفاعة العظمىٰ لأهل الموقف في بدء الحساب.

2) وصف حال المؤمنين في دأبهم بقيام الليل، لما فيه من العزّ والشرف لهم في الدنيا والآخرة.

3) مَن أحبَّ لقاء الله تعالىٰ ترك راحة جسده، لينال راحة قلبه.

4) الترغيب في تذوق حلاوة القرب من الله تعالىٰ في ساعات الليل {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُم عَنِ ٱلمَضَاجِعِ} شوقاً إلىٰ الله تعالىٰ.

1/1160ــ وَعَن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّىٰ تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسُولَ الله، وَقَدْ غُفِر لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفلا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً».

متفقٌ عليه. وَعَنِ المُغِيرَة بنِ شعبةَ نحوهُ، متفقٌ عليه.

غريب الحديث:

تتفطر: تتشقق من طول القيام.

هداية الحديث:

1) تعظيم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حقَّ الله تعالىٰ عليه، فقد اجتهد في القيام الطويل في الليل شكراً لله تعالىٰ.

2) مِن فقه العبد أن يشكر الله تعالىٰ إذَا خصّه بفضل زائد علىٰ الناس.

3) حقيقة الشكر: الاعترافُ بالقلب، واللسان، وعملُ الأركان بطاعة المنعم المنان.

2/1161ــ عَنْ عليٍّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وفاطمةَ ليلاً، فقال: «ألا تُصلِّيَان؟». متفق عليه. طرقه: أتاه ليلاً.

3/1162ــ عَنْ سالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنهما عن أبيه أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللهِ لو كَانَ يُصلِّي من اللَّيلِ»، قَالَ سالم: فكان عبدُ الله بعد ذلك لا يَنَامُ منَ اللَّيْل إلَّا قليلاً. متفق عليه.

4/1163ــ عَنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبدَ الله، لا تكُنْ مثلَ فُلان؛ كَانَ يقُومُ اللَّيلَ، فَتَرَكَ قيامَ اللَّيْلِ». متفق عليه.

هداية الأحاديث:

1) بيان فضيلة صلاة الليل، وحث الرجل أهل بيته علىٰ قيام الليل.

2) استحباب مدح الرجل الصالح إذَا حثّه ذلك علىٰ مزيد من الطاعة وعمل الخير.

3) فضيلة الصحابة رضي الله عنهم في استجابتهم لِمَا يهديهم إليه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم من الأمر، وهذا هُوَ شأن المؤمن؛ المسارعة لأمر الله تعالىٰ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن في طاعتهما كل الخير والفلاح.

4) التحذير من مشابهة الكسالىٰ، والحث علىٰ التشبُّه بأهل الهمَّة والنشاط في الطاعة.

5/1164ــ عَنْ ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: ذُكرَ عندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ نامَ ليلةً حَتَّىٰ أصبحَ! قَالَ: «ذاكَ رجُلٌ بالَ الشَّيْطانُ في أذُنَيْه» أو قَالَ: «في أذُنِهِ». متفق عليه.

6/1165ــ وعَن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلىٰ قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُم، إذا هُوَ نَامَ، ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلىٰ كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فإنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ الله انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإن تَوضَّأَ انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإن صَلَّىٰ انحَلَّتْ عُقدُهٌ، فأَصبحَ نَشِيطاً طَيِّبَ النَّفسِ، وَإلَّا أَصبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ». متفقٌ عليه.

«قَافِيَةُ الرَأسِ»: آخِرُه.

غريب الحديث:

يعقد: من العقد، وهو إحكام الشيء.

فارقد: أمرٌ لَهُ بالنوم.

هداية الأحاديث:

1) التصديق التام بخبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله: «بال الشيطان»، فشأن المؤمن أن يؤمن بأخبار الغيب، وإن لم يدرك حقيقتها.

2) قيام الليل حصن للعبد من تسلّط الشيطان عليه.

3) ذكر الله تعالىٰ والوضوء والصلاة من أعظم الأسباب للخلاص من عقد الشيطان، وهي سهلة يسيرة علىٰ من وفّقه الله تعالىٰ إليها.

4) الطاعة والهمة سبب لانشراح الصدر، والمعصية والكسل سبب لضيق الصدر.

7/1166ــ عَنْ عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ: أفْشُوا السَّلامَ، وأطعمُوا الطَّعامَ، وصَلُّوا باللَّيل والنَّاسُ نيامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بسَلامٍ».

رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

غريب الحديث:

أفشوا السلام: أمر ببذل السلام ونشره بين المسلمين، علىٰ من عرفت ومن لم تعرف.

هداية الحديث:

1) رحمة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بأمته، فقد دلَّهم علىٰ أسباب دخول الجنة، فَلْيحرصْ طالب الجنة علىٰ امتثالها علماً وعملاً.

2) قيام الليل من شأن الموفَّقين من عباد الله، فهم قيام يدعون ربهم خوفاً وطمعاً.

8/1167ــ عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الصِّيامِ بعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المُحرَّمُ، وأفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفَريضةِ صلاةُ اللَّيلِ». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) شهر المحرم من أفضل الشهور التي يُتطوَّع بها بالصوم.

2) صلاة الليل النافلة أفضل من صلاة النهار النافلة، لما يكون بالليل من تنزّل الرحمات وإجابة الدعوات.

9/1168 ــ وعن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صلاةُ اللَّيل مَثْنىٰ مَثْنىٰ، فإذا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِواحدةٍ». متفق عليه.

10/1169ــ وعنه قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي مِنَ اللَّيلِ مَثْنىٰ مَثْنىٰ، ويُوتِرُ بِرَكعةٍ. متفق عليه.

هداية الأحاديث:

1) الهدي النبوي في صلاة الليل أن تُصلَّىٰ رَكعتَيْن رَكعتَيْن.

2) إذَا طلع الفجر انتهىٰ وقت الوتر، وأقل الوتر ركعة واحدة.

11/1170ــ عَنْ أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفطرُ مِنَ الشَّهرِ حَتَّىٰ نَظُنَّ أنْ لا يصومَ مِنهُ، ويصومُ حَتَّىٰ نَظُنَّ أنْ لا يُفطرَ مِنهُ شيئاً، وكان لاتشاءُ أنْ تراهُ من اللَّيلِ مُصلِّياً إلَّا رأيْتَهُ، ولا نائماً إلَّا رأيْتَهُ. رواه البخاري.

هداية الحديث:

1) من هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه يديم العمل الصالح، فأحب العمل إلىٰ الله ما داوم عليه صاحبه وإن قلَّ.

2) بيان الهدي النبوي في وسطية العبادة؛ أن يتَّبعَ العبد ما هُوَ الأفضل والأتقىٰ لربِّه، والأيسر والأرفق لبدنه.

3) إن التنويع في العبادة، وعدم الإثقال علىٰ النفس هُوَ الهدي الكامل في التعبّد.

12/1171ــ وَعَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي إحْدَىٰ عَشْرَةَ رَكعَةً ــ تعني في اللَّيْلِ ــ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيركَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ، ثمَّ يَضْطَجِعُ عَلىٰ شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّىٰ يَأْتِيَهُ المُنَادِي للصَّلاةِ. رواه البخاري.

هداية الحديث:

1) المستحب في عدد ركعات قيام الليل إحدىٰ عشر ركعة في رمضان أو في غيره.

2) من الهدي المحمود: إطالة السجود بالذكر والدعاء في قيام الليل، لأن أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد.

3) بيان كمال خشوعه عليه الصلاة والسلام مع ربِّه، فكان يطيل السجود الواحد قدر خمسين آية!

4) من هدي السُّنَّة: أنْ لا يخرج الإمام إلىٰ المسجد إلا لوقت إقامة الصلاة.

13/1172ــ وَعَنْهَا قَالَتْ: ما كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ في رَمضانَ وَلا في غَيْرِهِ عَلىٰ إحْدَىٰ عَشَرَةَ رَكْعَةً؛ يُصَلِّي أَرْبعاً فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطولِهِنَّ، ثمَّ يُصَلِّي أرْبَعاً فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطولِهِنَّ، ثمَّ يُصَلِّي ثَلاثاً. فَقُلْتُ: يا رسُولَ الله، أَتنامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِر؟َ فقال: «يا عائِشَةُ إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلا يَنامُ قَلبي». متفق عليه.

هداية الحديث:

1) بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل أنه يُصلِّي أربع ركعات، كل ركعتين بتسليم، ثُمَّ يستريح قليلاً بعد الأربع.

2) إظهار خصوصية للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أن قلبه لا يغفل عن ذكر الله تعالىٰ، وإن نامت عيناه.

3) إن إطالة صلاة الليل مع إحسانها من هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

14/1173ــ وعَنْها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ ينامُ أوَّلَ اللَّيلِ، ويقومُ آخرَهُ فيُصلِّي. متفق عليه.

هداية الحديث:

1) أفضل وقت لقيام الليل في الثلث الأخير منه.

2) إن إعطاء البدن حقَّه من الراحةِ أولَ الليل، هُوَ الهدي النبوي المأثور، وهو العمل الميسور، لينشط في العبادة.

15/1174ــ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: صلَّيتُ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ليلةً، فلم يزلْ قائماً حَتَّىٰ هَمَمْتُ بأمرِ سوءٍ، قيلَ: ما هَمَمْتَ؟ قَالَ: همَمْتُ أنْ أجلسَ وأدَعَهُ. متفق عليه.

16/1175ــ وَعَنْ حُذيفَةَ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ البَقَرَةَ، فَقلتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المِائَةِ، ثمَّ مَضَىٰ، فَقلتُ: يُصَلِّي بها في رَكْعَةٍ، فَمَضَىٰ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِها، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَها، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً؛ إذا مَرَّ بِآيةٍ فِيها تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ، تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّي العَظِيمِ»، فَكانَ رُكُوعُهُ نَحْواً مِنْ قِيَامِهِ، ثمَّ قَالَ: «سَمعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه، رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ» ثُمَّ قَامَ طَوِيلاً قَرِيباً مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَىٰ»، فَكانَ سُجُودُهُ قَرِيباً مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم.

هداية الأحاديث:

1) بيان المقام العظيم الذي اتصف به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، في كمال تعبّده لله تعالىٰ، وإطالته في قيام الليل، وكل من كَانَ بالله أعرف كَانَ منه أخوف.

2) إنَّ سادات الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يطيقون ما كَانَ يطيقه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم من العبادة! ومع ذلك اجتهدوا في متابعته، والتأسي بعبادته.

3) فقه صلاته صلى الله عليه وسلم حيث كانت متناسبة؛ إذَا أطال القراءة أطال الركوع والسجود.

فائـدة:

الصلاة التي يكون لها ثمرة علىٰ صلاح العبد هي ما كانت موافقة لهدي السنة، من حسن الإطالة، وإتمام الركوع والسجود، والإتيان بالدعاء والذكر، فيجمع العبد في الصلاة بين القرآن والدعاء، وأنواع الثناء، ليذوق حلاوة المناجاة، فهذه الصلاة {َنهَىٰ عَنِ ٱلفَحشَآءِ وَٱلمُنكَرِ} قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «إنك ما دمت في الصلاة فأنت تقرع باب الملك، ومن يُدْمن قرع الباب لا بد أن يلجه».

17/1176ــ وعن جابر رَضيَ الله عنه قَالَ: سُئلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الصَّلاةِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «طولُ القُنُوتِ». رواه مسلم.

المرادُ بالقُنُوت: القِيَامُ.

هداية الحديث:

1) طول القيام لمن استطاعه من أفضل ما يكون في الصلاة.

2) الأفضل في الصلاة أن تكون متناسبة، فإن أطال المصلي القيام أطال بقية الأركان.

18/1177ــ وَعَنْ عَبدِ الله بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «أَحَبُّ الصَّلاةِ إلىٰ الله صلاةُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصيامِ إلىٰ الله صِيَامُ دَاوُدَ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوماً، وَيَفطِرُ يَوماً». متفقٌ عليه.

هداية الحديث:

1) إن إعطاء كل ذي حق حقه من أفضل ما يكون في تعبّد الرجل، فلا يُغفِلُ عبادة ربِّه، ولا ينسىٰ حق نفسه وأهله.

2) منهج الأنبياء في العبادة فيه الوسطية والبركة؛ فَلْيحرصِ المسلم علىٰ الالتزام بالهدي النبوي الكامل.

19/1178ــ وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً، لا يُوافِقُهَا رَجُلٌ مُسلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ خَيْراً مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) الحكمة من عدم تحديد الساعة بوقت معين، ليجتهد العبد الموفَّق في تحرِّيها.

2) سعة رحمة الله تعالىٰ بعباده، حين جعل لهم في كل ليلة نفحات لإجابة الدعوات.

20/1179ــ وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا قَامَ أحَدُكُم مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتحِ الصَّلاةَ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتيْنِ». رواهُ مُسْلِمٌ.

تنبيـه:

هذا الحديث لم يثبت من قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، إنما هو من كلام الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يصح رفعه إلىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ثبتت هاتان الركعتان الخفيفتان من فعل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما في حديث عائشة رضي الله عنها التالي:

21/1180ــ وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قامَ مِنَ اللَّيْلِ لُيُصَلِّيَ افتَتَحَ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفيفَتَينِ. رواه مسلم.

هداية الأحاديث:

1) الحكمة من افتتاح قيام الليل بركعتين خفيفتين أن ينشط العبد علىٰ ما يأتي من الصلاة.

2) مراعاة الشريعة لحال النفس البشرية، لمّـا شرعت كل ما يعين علىٰ نشاطها وسلامتها.

22/1181ــ وعنها رضي الله عنها قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إذَا فاتتْهُ الصَّلاةُ مِنَ اللَّيلِ من وَجَعٍ أو غيرِهِ، صَلَّىٰ من النَّهارِ ثِنتَيْ عَشْرَةَ رَكعةً. رواه مسلم.

23/1182ــ وعن عُمرَ بنِ الخطّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نامَ عن حِزْبِهِ أو عن شيءٍ منه، فقرأهُ فيما بينَ صلاةِ الفَجْرِ وصلاةِ الظُّهرِ، كُتبَ لَهُ كأنَّما قرأهُ مِنَ اللَّيلِ». رواه مسلم.

غريب الحديث:

حزبه: ما يجعل للقراءة أو الصلاة من جزء مخصوص.

هداية الأحاديث:

1) مشروعية قضاء صلاة الليل في النهار شفعاً لا وتراً؛ لأن الوتر نختم به صلاة الليل.

2) وقت قضاء صلاة الليل لمن فاتته؛ فيما بين طلوع الشمس وارتفاعها، إلىٰ قرب زوال الشمس وقت الظهر.

3) رحمة الله تعالىٰ بعباده؛ إذ فتح لهم أبواب الرحمات في الليل والنهار، ولم يحرم المعذور الأجر.

24/1183 ــ وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللهُ رجُلاً قامَ مِنَ اللَّيلِ فَصَلَّىٰ، وأيْقظَ امرأتَهُ، فإنْ أَبَتْ نضَحَ في وجهِهَا الماءَ. رحمَ اللهُ امرأةً قامَتْ مِنَ اللَّيلِ فَصَلَّتْ، وأيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فإن أبىٰ نَضَحَتْ في وجهِهِ الماءَ». رواه أبو داود بإسناد صحيح.

25/1184ــ وَعَنْهُ وَعَنْ أبي سَعِيدٍ رضي الله عنهما قَالا: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أَيقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا ــ أوْ صَلَّىٰ ــ رَكْعَتَيْنِ جَمِيعاً، كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ». رواهُ أبو داود بإسنادٍ صحيح.

هداية الأحاديث:

1) تتنزل الرحمة علىٰ الزوجين الذيْن تعاهدا علىٰ طاعة الله تعالىٰ، فلا يقوم أحدهما من نومه ــ وهو محبوبٌ إلىٰ النفوس ــ إلا لما هُوَ أحب إليه، وهو مناجاة الله تعالىٰ.

2) مشروعية الحث علىٰ قيام الليل، لما في ذلك من تنشيط النفوس علىٰ الطاعة.

3) إن البيوت التي تحيا في ظلال طاعة الرحمن هي بيوت مباركة سعيدة، فهل عرفنا طريق السعادة الأسرية؟

26/1185ــ وعن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ في الصَّلاةِ، فَلْيَرْقَدْ حَتَّىٰ يذهَبَ عَنْهُ النَّومُ، فإنَّ أحدَكُمْ إذَا صَلَّىٰ، وهو ناعسٌ، لعلَّهُ يذهَبُ يستغفرُ فيَسُبَّ نَفْسَهُ». متفق عليه.

27/1186 ــ وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذَا قَامَ أحَدُكُمْ من اللَّيل، فَاستَعجَمَ القُرآنُ علىٰ لسَانِهِ، فَلَم يَدْرِ ما يقُولُ، فَلْيَضْطَجعْ». رواه مسلم.

غريب الحديث:

فاستعجم: صعب عليه لشدة النعاس.

هداية الأحاديث:

1) إن إعطاء كل ذي حقٍّ حقَّهُ هُوَ المنهج النبوي في العبادة، فإذا نعس العبد فَلْينمْ، ولا يُجهد نفسه.

2) إظهار سماحة الشريعة؛ إذ راعت حظَّ النفوس، ولم يحملنا ربنا ما لا طاقة لنا به، فالله تبارك وتعالىٰ أرحم بعباده من أنفسهم بأنفسهم.