اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

214 ــ باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها

قَالَ الله تعالىٰ: {إِنَّآ أَنزَلنَٰهُ فِي لَيلَةِ ٱلقَدرِ} [القدر1 ] إلىٰ آخر السورة، وقال الله تعالىٰ: {إِنَّآ أَنزَلنَٰهُ فِي لَيلَة مُّبَٰرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} [الدخان 3].

فائدة:

ليلة القدر سُمِّيت بذلك لشرف قدرها، ولأنه يُقدّر فيها ما يكون في السَّنة من مقادير الخلق، وهذه الليلة خَصَّ الله تعالىٰ بها الأمة المحمدية؛ رحمةً بها وكرامةً لنبيِّها صلى الله عليه وسلم، إذ عوّضهم عن قصر أعمارهم بأيامٍ ولياليَ يُضاعَف فيها الأجر، مثل ليلة القدر.

1/1189 ــ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَن قامَ ليلةَ القَدْرِ إيماناً واحْتساباً غُفرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ». متفق عليه.

هداية الحديث:

1) الترغيب في قيام ليلة القدر إيماناً بالله تعالىٰ، واحتساباً للأجر، فذلك سبب لغفران ذنوب العبد كلها.

2) أهمية الإخلاص لله تعالىٰ في العبادات، لينال العبد الأجر المرتب بقدر نيته.

2/1190ــ وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في المَنَامِ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَرَىٰ رُؤُيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَن كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأوَاخِرِ». مُتفقٌ عليهِ.

3/1191ــ وعن عائشةَ رضي الله عنها قَالَت: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يجُاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخرِ منْ رَمَضَانَ، ويقُول: «تَحَرَّوا لَيْلةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخرِ منْ رَمَضانَ». متفق عليه.

4/1192ــ وعَنْها رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَحَرَّوا ليلةَ القَدْرِ في الوِتْرِ من العَشْرِ الأوَاخرِ من رَمَضَانَ». رواه البخاري.

غريب الحديث:

تواطأت: توافقت.

يجاور: يعتكف، وهو لزوم المسجد للعبادة.

هداية الأحاديث:

1) ليلة القدر أرجح ما ورد في تعيينها أنها في الليالي المفردة من العشر الأواخر، فتكون في ليلة إحدىٰ وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين.

2) الحكمة من عدم تعيين ليلة القدر بوقت واحد معلوم؛ أن يتنافس أهل الإيمان في الاجتهاد بالعبادة في ليالي العشر.

تنبيــه:

ليلة القدر ليست ثابتة في ليلة معينة كل عام من رمضان، بل تنتقل، فتكون في ليلة واحد وعشرين مثلاً، وفي عام آخر قد تنتقل إلى ليلة أخرى. دل علىٰ ذلك مجموع الروايات الواردة في ليلة القدر.

5/1193ــ وعنها رضي الله عنها قَالَت: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ العَشْرُ الأواخرُ من رَمَضَانَ أحْيا اللَّيلَ، وأيْقَظَ أهلَهُ، وَجَدَّ، وشَدَّ المئزَرَ». متفق عليه.

6/1194ــ وعنها قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يجتَهدُ في رَمَضانَ مَا لا يَجْتهدُ في غَيْرِهِ، وفي العَشْرِ الأوَاخرِ منه مَا لا يَجْتهدُ في غَيْرِهِ. رواه مسلم.

غريب الحديث:

شد المئزر: كناية عن الاجتهاد في العبادة، واعتزال النساء.

هداية الأحاديث:

1) اجتهاد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في العبادة ليالي العشر الأخير، وحثّ أهله علىٰ العبادة، ليعلِّم الأمة الحرص علىٰ العبادة في هذه الليالي المباركة.

2) جواز إحياء الليل كله في العشر الأخير من رمضان.

3) يَعظُم شرف العبادة وأجرها بحسب فضيلة الزمان، فليحرص المؤمن علىٰ اغتنام الليالي المباركة.

7/1195ــ وَعَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ إن عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ، مَا أَقُولُ فيها؟ قَالَ: «قُولي: اللّهم إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ، فَاعْفُ عنِّي». رواه التِرْمذيُ وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

هداية الأحاديث:

1) فضيلة أم المؤمنين الصديقة عائشة رضي الله عنها في حرصها علىٰ الاجتهاد في السؤال عن العلم النافع المأثور، واتباعه بالعمل.

2) الدعاء الجامع لخيرَي الدنيا والآخرة بالعفو والمغفرة.

3) أفضل ما ندعو به في ليلة القدر: «اللهم إنك عفوٌ تحبُّ العفو فاعفُ عني» لأنه هو هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ولو كان خيراً من هذا الدعاء لدَلَّ الأُمةَ عليه صلى الله عليه وسلم.