قال الله تعالىٰ: {فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ} [يونس: 32] ، وقال تعالىٰ: {مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ} [الأنعام: 38] ، وقال تعالىٰ: {فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ} [النساء: 59] أي: الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ} [الأنعام: 153] ، وقال تعالىٰ: {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ} [آل عمران: 31] . والآيَاتُ في الْبَابِ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.
التحذير من البدع ومحدثات الأمور، ولن يعلم العبد خطورة البدع إلا إذا علم مفاسدها، فمن مفاسد البدع:
1) إن في البدعة خروجاً عن اتباع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ومناقضةً لمعنىٰ (شهادة أن محمداً رسول الله).
2) إن في البدعة طعناً في الإسلام؛ وكأن الدِّين لم يكتمل بعد!
3) إن في مضمون البدع الطعن برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه لم ينقل لنا الدين كاملاً.
4) إن فيها طعناً في الصحابة ، لأنهم ــ وهم خير الأمة ــ لم يفعلوها، فكأنهم قصروا في العبودية.
5) إن البدعة إذا انتشرت في الأمة غابت السنة النبوية عن حياة المؤمنين.
6) إن المبتدع لا يُحَكّم الكتاب والسنة، بل يجعل هواه هو الحاكم.
وَأَمَّا الأحَاديثُ: فَكَثِيرَةٌ جِداً، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ، فَنَقْتَصِرُ عَلَىٰ طَرَف مِنْهَا:
1/169ــ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدّ». متفقٌ عليه.
وفي رواية لمسلمٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنـَا فَهُوَ ردٌّ».
ردّ: مردود علىٰ صاحبه غير مقبول منه.
1) العبادة إذا لم نعلم أنها من دين الله فهي مردودة.
2) الأعمال المتوعَّد عليها في الحديث تشمل الأعمال الشرعية من عبادات ومعاملات. وأما الأمور الدنيوية فالإحداث فيها جائز، فيما هو نافع وغير مخالف لشرعنا الحنيف.
3) تجنب البدع في الدين؛ لأنها من محبطات الأعمال.
4) وجوب اتباع هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والتزام سُنّته.
2/170ــ وعن جابِرٍ رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّىٰ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» وَيَقُول: «بُعِثْتُ أَنَا والسَّاعَة كَهَاتَيْنِ» وَيَقْرِنُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، السَّبَّابَة وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: «أمَّا بَعْدُ، فَإنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ الله، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ»، ثُمَّ يَقُولُ: «أنَا أَوْلَىٰ بُـكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالاً فلأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنَا أَوْ ضَيَاعاً فإلَيَّ وَعَلَيَّ». رواه مسلم.
وعن الْعِرْبَاضِ بنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه حَدِيثُهُ السَّابِقُ في بَابِ (الْمُحَافَظَةِ عَلَىٰ السُّنَّةِ).
ضياعاً: أولاداً صغاراً يضيعون.
1) إن احمرار عينيه صلى الله عليه وسلم ، وعلو صوته، واشتداد غضبه، دليل حرصه علىٰ أمته، ونذارته لها مما يكون من أمرها.
2) أجل الدنيا قريب، فليجتهد العبد في زاد الآخرة.
3) الخير كل الخير في اتباع كتاب الله تعالىٰ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والشّرّ كل الشّرّ في البدع والمحدثات في الدين.
4) خطورة الدَّين في ذمة الإنسان، فعلىٰ العبد ألا يستدين إلا إذا دعت الضرورة الملحة إلىٰ ذلك، مع حرصه علىٰ سرعة الأداء، وإبراء الذمة.