اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

كتاب حمد الله تعالى وشكره

242 ــ باب فضل الحمد والشكر

قَالَ الله تعالىٰ: {فَٱذكُرُونِيٓ أَذكُركُم وَٱشكُرُواْ لِي وَلَا تَكفُرُونِ} [البقرة: 152]، وقال تعالىٰ: {لَئِن شَكَرتُم لَأَزِيدَنَّكُم} [إبراهيم: 7] ، وقال تعالىٰ: {وَقُلِ ٱلحَمدُ لِلَّه} [الإسراء: 111] ، وقال تعالىٰ: {وَءَاخِرُ دَعوَىٰهُم أَنِ ٱلحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلعَٰلَمِينَ} [يونس: 10].

فائدة:

الحمد: هو الإخبار عن الله تعالىٰ بجميع الكمالات اللائقة به، وتنزيهه عن كل ما ينافي ذلك. فإن كُرر الحمد صار ثناءً، فإن كُرر الثناء صار مجداً.

الشكر: هو إظهار النعم والاعتراف بها بالقلب، واللسان، والجوارح، فمن كَانَ من أهل الغنىٰ والمال، فالشكر عَلَىٰ هذه النعمة بالاعتراف والإقرار بأن الله هو المنعم، مع إنفاق المال في وجوه الخير.

هداية الآيات:

1) الذكر النافع للعبد هو ذكر القلب، وأعظمه ما اشترك فيه القلب واللسان.

2) ذكر الله تعالىٰ هو كل طاعة تقرّب إلىٰ الله؛ من عبادة، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو تعلم علم، أو تفكّر، أو محاسبة، أو ذكر باللسان... فكل ذلك من ذكر الله تعالىٰ.

3) الشكر له فائدتان عظيمتان:

الأولىٰ: الاعتراف بالعبودية لله تعالىٰ، وأداء بعض حقه.

والثانية: سبب لمزيد النعمة ودوامها عَلَىٰ العبد.

4) الترغيب في دوام حمد الله تعالىٰ في كل حال، في السراء والضراء، فهو سبحانه محمود في ابتداء الخلق، وإنزال الشرع، واستمرار الخلق، وانتهاء الخلق .وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم حمد الله عَلَىٰ كل حال؛ إن أصابته سراء قَالَ: «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات»، وإن أصابته ضراء قَالَ: «الحمد لله عَلَىٰ كل حال».

1/1393 ــ وَعَنْ أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ ليلةَ أُسْرِيَ بهِ بقدحيْن من خَمْرٍ ولبنٍ، فنَظَرَ إليهما، فأخَذَ اللَّبنَ. فقال جبريلُ عليه السلام: «الحمدُ لله الذي هَداكَ للفِطْرةِ، لو أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أمَّتُكَ». رواه مسلم.

غريب الحديث:

قدح: إناء يوضع فيه شراب.

الفطرة: الدين الحق، والتوحيد الخالص.

غوت: ضلَّت وانحرفت عن الفطرة.

هداية الحديث:

1) إن دوام حمد لله تعالىٰ عَلَىٰ كل حال سبب لهداية العبد للخير، وأن يصرف عَنْهُ الشر.

2) الخمر أم الخبائث، فهي سبب للغواية والضلال.

3) إن موافقة العبد للفطرة من الأعمال التي يحبها الله تعالىٰ ويرضاها.

2/1394ــ وعنه عن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبْدأ فيه بالحمدُ لله، فهُوَ أقْطَعُ». حديث حسن رواه أبو داود وغيره[1].

[1]() الحديث إسناده ضعيف.

غريب الحديث:

ذي بال: له أهمية وشأن.

أقطع: ناقص.

هداية الحديث:

1) استحباب مباشرة الأمور بحمد الله تعالىٰ، وخاصة ما كَانَ له شأن وأهمية.

2) البركة تنزل بذكر اسم الله تعالىٰ وحمده، وهذا من فوائد الحمد. ومنه يعلمُ العبد أن كل شيء يُنسَب إلىٰ الله تعالىٰ فهو مبارك، وكل شيء مقطوع عن الله تعالىٰ فهو ممحوق البركة.

3/1395ــ وَعَنْ أبي موسىٰ الأشعري رضي الله عنه أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا ماتَ ولدُ العبدِ قَالَ اللهُ تعالىٰ لملائكتِهِ: قَبَضْتُم ولدَ عبدي؟ فيقولون: نَعَمْ، فيقولُ: قَبَضْتُم ثمرةَ فُؤادِهِ؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قَالَ عبدي؟ فيقولون: حَمدكَ واسترجعَ، فيقول الله تعالىٰ: ابنُوا لعبدي بيتاً في الجَنَّةِ، وسمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ». رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

هداية الحديث:

1) بيان جزاء من يحمد الله تعالىٰ في الضراء؛ أن الله يعوّضه ببيت في الجنة، هو بيت الحمد.

2) حال المؤمن الموفَّق لزومُ الصبر، واحتساب الأجر، عند المصائب، وأن يحمد الله عَلَىٰ كل حال ويسترجع بقوله: «إنا لله وإنا إليه راجعون».

3) اللجوء إلىٰ الله تعالىٰ عند المصائب يخفف المصيبة، ويجبر كسر العبد.

4/1396ــ وَعَنْ أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ لَيَرْضىٰ عن العَبْد يأكُلُ الأكلةَ، فيَحْمَدُهُ عليها، وَيَشْربُ الشَّرْبةَ، فَيَحْمَدُهُ عليها». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) إنَّ حمد العبد لله تعالىٰ عند أكله وشربه سبب لنيل رضا الله _عز وجل_.

2) استحباب استفتاح الأكل والشرب بالتسمية: «بسم الله»، واستحباب ختم ذلك بالحمد لله، فهذا هو هدي النّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

فائدة:

التسمية المشروعة عند ابتداء الأكل والشرب هي قول العبد: «بسم الله»، أما ما شاع بين الناس من قول: «بسم الله الرحمن الرحيم» فهذا يسميه العلماء: البسملة، وهي مشروعة عند البدء بقراءة السورة من القرآن، فلا نخلط بين التسمية والبسملة.

والموفَّق من لزم هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فأتىٰ بالورد النبوي في صيغته الواردة، ومحله المناسب، قاصداً التأسي، فهذا هو مقام اتِّباع سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كتاب الصلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم