قَالَ الله تَعَالىٰ: {وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعبُدُواْ ٱللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ} [البينة: 5]، وقَالَ تَعَالىٰ: {لَا تُبطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلمَنِّ وَٱلأَذَىٰ كَٱلَّذِي يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤمِنُ بِٱللَّهِ وَٱليَومِ ٱلأٓخِرِ} [البقرة: 264]، وقالَ تَعَالىٰ: {يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلا} [النساء: 142].
1) الرياء: أن يتعبد الإنسانُ ربَّه _عز وجل_ ، ولكن يُحسِّنَ العبادة من أجل أن يراه الناس.
2) إن إخلاص العبادة لله، هو الدين الذي لا يرضىٰ الله سواه.
3) الرياء سبب في إحباط الأعمال.
1/1616ــ وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَالَ اللهُ تَعَالىٰ:أَنا أَغْنَىٰ الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ». رواه مسلم.
1) من صور الإشراك بالله تعالىٰ: دخول الرياء في العبادات.
2) ذم الرياء والترهيب منه، فهو الشرك الأصغر؛ لأنه يوصل العبد إلىٰ الوقوع في الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله _عز وجل_.
2/1617ــ وعَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَىٰ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعْمَتَه فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حتَّىٰ اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأنْ يُقالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلىٰ وَجْهِهِ حَتَىٰ أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هو قَارِئ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلىٰ وَجْهِهِ حَتَّىٰ ألقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: ما تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيها إلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، ولكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هو جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلىٰ وَجْهِهِ ثُمَّ ألقِيَ في النَّارِ». رواه مسلمٌ.
«جَرِيءٌ» بفتح الجيم وكسر الرّاءِ وَبِالمَدِّ، أَيْ: شُجَاعٌ حَاذقٌ.
1) تحريم الرياء في العمل، وبيان شدة العقوبة عليه.
2) وجوب الإخلاص في الأعمال كلها لله _عز وجل_، لأن جميع الأعمال مدار صحتها وقبولها علىٰ نية الإخلاص لله ربِّ العالمين، واتباع سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
3) الحرص الدائم علىٰ تزكية النفس وتربيتها ومجاهدتها حتىٰ تُخلص لله تعالىٰ.
3/1618ــ وعن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ ناساً قالوا لَهُ: إنَّا نَدْخُلُ عَلَىٰ سلاطيننا، فنَقُولُ لهُمْ بخلاف مَا نتكَلَّمُ إذَا خرجْنَا من عندهم؟ قَالَ ابن عمر رضي الله عنهما: كُنَّا نَعُدُّ هذا نفَاقاً عَلَىٰ عَهْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
1) علىٰ العبد أن يديم بذل النصيحة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لئلا يقع في أنواع من النفاق.
2) إن الفهم الصحيح لنصوص الشريعة، ومقامات التزكية، يؤخذ من هدي الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنهم أعلم الأمة، وأخلصها، وأصدقها، وأكثرهم نصحاً، وأقربهم بالنبوة عهداً، وكلما كان العهد بالنبي صلى الله عليه وسلم أقرب، كان الصواب أغلب.
4/1619ــ وعن جنْدُب بن عبد الله بن سُفيَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بهِ، ومَنْ يُرَائي يُرَائي اللهُ بهِ». متفقٌ عليه.
ورواهُ مسلمٌ أيضاً من رواية ابن عباسٍ رضي الله عنهما.
«سَمَّعَ» بتشديد الميم، ومعناه: أظهَرَ عَمَلَهُ للناسِ رياءً. «سَمَّعَ الله به» أيْ: فَضَحَهُ يوم القيامة، ومعنىٰ: «مَنْ رِاءَىٰ» أيْ: مَنْ أظهرَ للناسِ العملَ الصالحَ ليَعْظُمَ عنْدَهُمِ «رَاءَىٰ الله بهِ» أيْ: أظهَرَ سَريرَتَهُ علىٰ رُؤوسِ الخَلائِقِ.
1) من راءىٰ في العمل فإن الله يفضحهُ علىٰ رؤوس الخلائق يوم القيامة.
2) استحباب إخفاء العمل الصالح إلا إذا كان في إظهاره مصلحة.
5/1620 ــ وعن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تعلَّم علماً ممَّا يُبْتَغَىٰ به وجهُ الله _عز وجل_ ، لا يتعلمهُ إلَّا ليصيبَ بهِ عَرَضاً منَ الدُّنيا، لم يجدْ عَرْفَ الجنَّة يومَ القيامة» يعني: ريحها. رواهُ أبو داود بإسناد صحيح.
والأحاديثُ في الباب كثيرةٌ مشهورةٌ.
عرضاً: متاع الدنيا.
1) الحث علىٰ تعلم العلم الشرعي ابتغاء وجه الله وحده.
2) بيان أهمية إصلاح النيات؛ فإن مدار قبول الأعمال وردّها علىٰ ما في القلوب.