ــ كتاب (رياض الصالحين) كتاب جليل، عظمت وصية العلماء به، فانتشر في البلاد، وعم النفع به بين العباد. وذلك راجع إلىٰ عدة أمور، أهمها أمران:
الأول: ما عُلم من إخلاص جامعه الشيخ النووي ــ رحمه الله تعالىٰ ــ فكان من ثمرة إخلاصه أن بارك الله في كتابه ونفع، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إنما يدرك الرجل علىٰ قدر نيَّـتـه».
الثاني: الحاجة الملحة لعموم الأمة إلىٰ كتاب في الأخلاق والآداب والترغيب والترهيب، مثل: (رياض الصالحين)، ذلك لأن الكلام في هذه الأبواب مما تأنس به الفِطر السليمة، ويتلقاه الناس بالقبول. فوقع الكتاب موقعاً عظيماً، فكان كالعافية للبدن، وكالشمس للدنيا، ما عنهما من عوض. ويؤكد هذا المعنىٰ ما قاله مصنفه:
«وأرجو إن تم هذا الكتاب أن يكون سائقاً للمعتني به إلىٰ الخيرات، حاجزاً له عن أنواع القبائح والمهلكات».
* وقال الحافظ الذهبي (ت 748هـ):
«نسأل الله علماً نافعاً، تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً؛ ولم يأت نهي عنه، قال u: «مَن رغب عن سنتي فليس مني». فعليكَ يا أخي بتدبّر كتاب الله، وبإدمان النظر في الصحيحين وسنن النسائي ورياض النواوي وأذكاره تفلح وتنجح». (سيرة أعلام النبلاء: 19/340)
* وقال العلامة ابن الوزير اليماني (ت 840 هـ):
«القسم الثاني من العلم: ما يحتاج إليه في الدين، وهو قسمان: قسم لم يختلف في حسنه مثل النصوص في الحديث، والإجماع من تفسير الإسلام، والإيمان الواجب، وعلم الزهد. ومن أنفس كتبه رياض الصالحين للنووي، لاقتصاره علىٰ الحديث القوي، وهو من الكتب الخالية من البدع». (إيثار الحق علىٰ الخلق ص33) * وقال الحافظ السخاوي (ت 902هـ):
«رياض الصالحين كتاب جليل لا يُستغنىٰ عنه». (ترجمة النووي ص12)
* وقال الشيخ ابن عِلَّان الصدِّيقي (ت 1057هـ):
«قد جمع ما يحتاج إليه السالك في سائر الأحوال، واشتمل علىٰ ما ينبغي التخلق به من الأخلاق، والتمسك به من الأقوال، والأفعال، مغترفاً له من عُباب الكتاب والسنة النبوية، ناقلاً لتلك الجواهر من تلك المعادن السَّنية». (مقدمة دليل الفالحين: 1/4)
وعامة العلماء المعاصرين متفقون علىٰ الوصية بكتاب رياض الصالحين.
فمن ذلك:
* ما وصَّىٰ به الشيخ فيصل بن مبارك النجدي ( ت 1376هـ)، قال موصياً طالب العلم:
«ويقرأ كتاب (رياض الصالحين) ويحفظ آخره من كتاب الفضائل إلىٰ آخره؛ فإنه جامع للمأمورات والمنهيات ، ومؤدب لقاريه ومرغِّب له في الطاعات».
(وصية جامعة ص76)
* وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط ــ حفظه الله تعالىٰ ــ:
«ومن أجود ما ألف في هذا الباب كتاب (رياض الصالحين)؛ فإنه أوسع كتب الحديث انتشاراً، وأكثرها تداولاً، فقد طبقت شهرته الآفاق، واحتل منزلة سامقة في نفوس العلماء والكُتَّاب والخطباء والعامة». (مقدمة تحقيق رياض الصالحين ص6)
وبالجملة: فكل من اعتنىٰ بالكتاب في تحقيقه وإخراجه من أهل العلم وطلابه مجمعون علىٰ علو منزلة الكتاب وعظيم فائدته.
نسأل الله العلي العظيم أن يُعلي منزلة جامعه في درجات النعيم، وأن يُعظم له الجزاء الأوفى، ويختم لنا وللمسلمين بالحسنى، علىٰ إخلاص التوحيد واتِّباع السُّنَّة.
والحمد لله رب العالمين.