اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

27ـ باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم

قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ} [الحج: 30] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ} [الحج: 32] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} [الحجر: 88] ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا} [المائدة: 32].

هداية الآيات:

1) وجوب تعظيم حرمات المسلمين، وتنزيلهم منازلهم.

2) المؤمن مأمور بالتواضع لإخوانه، وأن يكون هيِّناً ليِّناً بالقول والفعل.

3) إن انتهاك حرمة شخص من المسلمين هو انتهاك لحرمة جميع المسلمين.

1/222 ــ وَعَنْ أَبِي مُوسَىٰ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بعضُهُ بَعْضاً» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

هداية الحديث:

1) وجوب التعاون بين المؤمنين علىٰ البر والتقوىٰ.

2) المؤمن في حاجة إخوانه؛ لأنه بهم يقوىٰ، فأهل الإيمان يكمل بعضهم بعضاً.

2/223 ــ وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا، أَوْ أَسْوَاقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ، أَوْلِيَقْبِضْ عَلَىٰ نِصَالِهَا بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ». مُتـَّفَقٌ عَلَيْه.

غريب الحديث:

نبلٌ: السهام التي يُرمىٰ بها.

النصال: حديدة الرمح والسهم والسكين.

هداية الحديث:

1) علىٰ الإنسان أن يتجنب كل شيء يسبب أذية للمسلمين، سواءٌ أكان أذىٰ معنوياً أم أذىً حسياً، كأن يطعن في أعراضهم، أو يغشهم في أموالهم.

2) هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه الرفق والرحمة بعموم المؤمنين.

3/224 ــ وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إذَا اشْتكىٰ مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَىٰ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بالسهَرِ وَالحُمّى». مُتَّفَق عَلَيْه.

غريب الحديث:

تداعى: بمعنىٰ استجاب وأقبل.

هداية الحديث:

1) الدعوة إلىٰ تعظيم حقوق المسلمين، والحضّ علىٰ تعاونهم، وملاطفة بعضهم بعضاً، ونشر المحبة والتراحم بينهم.

2) المجتمع الذي يسوده التآلف والتعاون مجتمع قوي متماسك.

3) الحث علىٰ اهتمام المسلم بأحوال المسلمين وتفقد أخبارهم.

4/225 ــ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَبَّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، وَعِنْدَهُ الأقْرَعُ بْنُ حَابِسِ، فَقَالَ الأقْرعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَداً، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: «مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

هداية الحديث:

1) إن استعمال الرحمة في معاملة الصغار ونحوهم، من هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

2) إن من أسباب رحمة الله _عز وجل_ لعباده رحمتُهم لأنفسهم.

3) حسنُ تعليم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وتوجيهِهِ أمّتَه.

5/226 ــ وَعَنْ عَائشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَدِم نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ عَلَىٰ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: أتقَبِّلُونَ صِبْيَانكُمْ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، قَالُوا: لكنَّا وَاللهِ مَا نُقَبّلُ! فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَوَ أَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْ قُلُوبِكُمُ الرَّحْمَةَ؟». مُـتَّفَقٌ عَلَيْه.

6/227 ــ وَعَنْ جَرِير بْنِ عَبْدِ الله رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لا يَرْحَمِ النَّاسَ لاَ يَرْحَمْهُ الله». مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

هداية الأحاديث:

1) تقبيل الصبيان شفقة عليهم ورحمة بهم، هو من سُنَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

2) إذا جعل الله تعالىٰ في قلب الإنسان الرحمة، فهذا من أسباب رحمته تعالىٰ بالعبد.

7/228 ــ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا صَلَّىٰ أَحَدُكُمْ للنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ والسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّىٰ أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

وَفِي رِوَايةٍ: «وَذا الْحَاجَةِ».

غريب الحديث:

السقيم: المريض.

هداية الحديث:

1) علىٰ الإمام مراعاة حال إخوانه المصلين، وأن يصلِّي بهم صلاة أضعفهم.

2) التخفيف نوعان: تخفيف دائم: وهو ما وافق هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتخفيف طارئ: يكون أخف من الأول، وهو مادعت إليه الحاجة(كبكاء صبيّ وأمه تصلِّي).

تنبيـه:

التخفيف ما وافق سُنـَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وليس المراد ما وافق أهواء الناس، فقد وردت الأحاديث في صفة قراءة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كقراءة سورتي السجدة والإنسان في يوم الجمعة، وأمره معاذاً رضي الله عنه بأن يقرأ بسبح اسم ربك الأعلىٰ والغاشية. فليست العِبرة في التخفيف بقلة القراءة وسرعة الحركات، بل هو تخفيف موافق للسنة النبوية.

8/229 ــ وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ الْعَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ. مُتَّفَق عَلَيْه.

9/230 ــ وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: نَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ؟ قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُني رَبِّي وَيَسْقِيني». متَّفَق عَلَيْه.

مَعْنَاهُ يَجْعَلُ فيَّ قُوَّةَ مَنْ أَكَل وَشَرِبَ.

غريب الحديث:

الوصال: أن يصل الصائم يومين فأكثر في الصيام من غير فطر.

هداية الأحاديث:

1) رحمة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وشفقته علىٰ أمته.

2) علىٰ العبد أن يترك بعض الأمورالمستحبة، من أجل تحقيق مصالح أعلىٰ له وللمسلمين.

3) علىٰ المسلم أن يكون همُّه وانشغاله بأحوال المسلمين، فيفعل ما يكون خيراً لهم، ويتجنب ما يكون شرّاً عليهم.

10/231 ــ وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنِّي لأَقُومُ إِلَىٰ الصَّلاَةِ، وَأُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزَ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَىٰ أُمِّهِ». رَوَاهُ البُخَارِيّ.

غريب الحديث:

أتجوَّز: أخفف.

هداية الحديث:

1) جواز حضور النساء المساجد ــ أحياناً ــ ليصلين مع الجماعة، وجواز شهود الصبيان الجماعة.

2) يجوز للمصلي أن يغيّر نيّته، من تطويل إلىٰ تقصير أو بالعكس.

11/232 ــ وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ الله رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّىٰ صَلاَةَ الصُّبْح فَهُوَ فِي ذِمَّةِ الله، فَلا يَطْلُبـَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبُّهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ». رَوَاهُ مُسْلِم.

غريب الحديث:

ذمة الله: حفظ الله تعالىٰ ورعايته.

هداية الحديث:

1) بيان أهمية صلاة الصبح، وفضيلة شهودها مع الجماعة.

2) إن الحفاظ علىٰ حدود الله وحرماته سبب في حفظ الله لعبده وعونه.

3) من تخلىٰ الله تعالىٰ عن حفظه، فهو في ضياع وهلكة.

12/233 ــ وعن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمهُ، وَلا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ». متفقٌ عليه.

غريب الحديث:

لا يُسلمه: لا يتركه إلىٰ عدوه أو مبغضه، ينال منه في حضرته أو غيبته، ثم لا ينصره.

فرّج: أزال.

هداية الحديث:

1) إن السعي لقضاء حاجة المسلمين، وتفريج همومهم، هو قربة إلىٰ الله، وسبب في قضاء حاجة العبد، وتفريج همّه وكشف غمّه.

2) يجب علىٰ المسلم أن يدافع عن أخيه في عرضه، وبدنه، وماله.

3) الجزاء من جنس العمل.

13 /234 ــ وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم، لا يَخُونُه، وَلا يَكْذِبُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَىٰ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ عِرْضُهُ وَمَالُه وَدَمُهُ، التَّقْوَىٰ هاهُنَا، بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المسلمَ». رواه الترمذيُّ وقال: حديث حسن.

غريب الحديث:

لا يكذبه: يخبره بالكذب.

بحسب امرئ من الشر: كافيه من الشر.

هداية الحديث:

1) إن احتقار المسلمين أمارة علىٰ الكِبْر، والكِبْر شرٌّ كله.

2) حرمة دم المسلم وعرضه وماله، إلا أن يكون هناك سببٌ شرعيٌّ يبيح ذلك.

3) تقوىٰ الله تمنع من الظلم والكِبْر والبطر، وما وقعت المظالم بين العباد إلا يوم ضعفت التقوىٰ.

تنبيه:

بعض الناس يغلط في فهم هذا الحديث؛ فإذا أمرته بالمعروف أو نهيته عن منكر قال: التقوىٰ ههنا، أو بعبارة عامِيّة (الضرب علىٰ النيّة)، والصحيح في معناه: أن القلب هو أساس التقوى، وإذا اتقىٰ القلب اتقت الجوارح، وإذا انغمس القلب في معصية الله تبعته الجوارح، فلابد أن يظهر أثر عمل القلب علىٰ الجوارح.

14/235 ــ وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَحَاسَدُوا، وَلا تنَاجَشُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَيْعِ بَعْض، وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَاناً. الْمُسْلِمُ أَخو الْمُسْلِمِ: لا يَظْلِمُه وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ. التَّقْوَىٰ هاهنَا ــ وَيُشِيرُ إلَىٰ صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ــ بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَىٰ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُه». رواه مسلِم.

«النَّجَش»: أَنْ يَزِيدَ فِي ثَمن سِلْعَةٍ يُنَادىٰ عَلَيْهَا فِي السُّوقِ وَنَحْوِه، وَلا رَغْبَةَ لَه فِي شِرَائِهَا، بَلْ يقْصِد أَنْ يَغُرَّ غَيْرَهُ، وَهذَا حَرَامٌ. «وَالتَّدَابُرُ»: أَنْ يُعْرِضَ عَن الإنْسَانِ وَيَفجُرَهُ وَيَجْعَلَهُ كَالشَّيْءِ الَذِي وَرَاءَ الظهرِ وَالدُّبُرِ.

هداية الحديث:

1) تحريم بيع النجش؛ لأنه يقوم علىٰ الغش والخداع والضرر.

2) تحريم الهجر بين المسلمين لأجل حظ الدنيا فهو يؤدي إلىٰ التدابر والتقاطع.

3) أكرم الخلق عند الله أهل التقوى.

4) حرمة إيصال الأذىٰ إلىٰ المسلم بأيِّ وجه من الوجوه من قول أو فعل.

فائدة:

إن الحسد من أعظم الأدواء والآفات، وهو يثمر لصاحبه خمسة أشياء مذمومة:

1 ــ إفساد الطاعة لأن الحاسد يأتي يوم القيامة وهو مفلس، قد أوقد ناراً في قلبه وجعل حطبها صالحَ عمله.

2 ــ فعل المعاصي والشرور، لأن الحاسد له ثلاث علامات: يتملّق إذا شهد، ويغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة.

3 ــ التعب والهم من غير فائدة.

4 ــ عمىٰ القلب وسوء النية.

5 ــ الحرمان والخذلان لأن الحاسد لا يكاد يصيب مراده من زوال نعم الله عن المؤمنين.

وأما المحسود فإنه لا ضرر عليه في أمر دينه ودنياه.

15/236 ــ وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّىٰ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». متفقٌ عليه.

هداية الحديث:

1) من علامات صحة الإيمان أن يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.

2) الإيمان الصحيح له أثر علىٰ عامة المؤمنين، وبحسب صدق الإيمان تظهر آثار المحبة.

16/237ــ وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رسول الله أنْصُرُهُ إذَا كَانَ مَظْلُوماً، أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ ظَالِماً كَيْفَ أنْصُرُهُ؟ قال: «تَحْجُزُهُ ــ أوْ تَمْنَعُهُ ــ مِنَ الظُّلْمِ فَإنَّ ذلِكَ نَصْرُهُ». رواه البخاري.

هداية الحديث:

1) وجوب نصرة المظلوم والظالم، علىٰ هذا الوجه الذي ذكره النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

2) القيام بحق الأخوة الإيمانية من لوازم الإيمان.

3) المجتمع المسلم هو الذي تظهر فيه معاني التناصر علىٰ البر والتقوى.

17/238 ــ وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَىٰ الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتّبَاعُ الْجَنَائِزِ ، وَإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ». متفقٌ عليه.

وفي رواية لمسلمٍ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ ستٌّ: إذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّم عَلَيْهِ، وَإذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانصَحْ لَهُ، وَإذَا عَطَس، فَحَمِدَ الله، فَشَمِّتْهُ، وَإذَا مَرِضَ فَعُدهُ، وَإذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ».

غريب الحديث:

تشميت العاطس: الدعاء له بالرحمة؛ بأن نقول له: «يرحمك الله».

هداية الحديث:

1) من حقوق المسلم علىٰ أخيه: السلام ابتداءً وردّاً.

2) عيادة المريض من حق المسلم علىٰ المسلمين.

3) أداء حقوق المسلمين بعضهم لبعض يُورث المودة والألفة، ويُزيل ما في القلوب من الضغائن والأحقاد.

فائـدة:

إذا كان في حضور الدعوة منكر، فهل يجب علىٰ المدعو أن يحضر؟ الجواب: إن كان الإنسان قادراً علىٰ التغيير، وجبت عليه الإجابة من وجهين، الوجه الأول: إزالة المنكر، والثاني: إجابة دعوة أخيه.

وأمّا إذا كان المنكر لا يمكن تغييره، أو تخفيفه فإنه لا يجوز أن يجيب الدعوة.

18/239 ــ وعن أبي عُمَارَةَ الْبَرَاءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما قال: أَمَرَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتّباعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإبْرَارِ الْمُقسِمِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإجَابَةِ الدَّاعِي، وَإفْشَاءِ السَّلامِ. وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمٍ أَوْ تَخَّتمٍ بِالذَّهَبِ، وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ، وَعَنِ المَيَاثِرِ الحُمْرِ، وَعَنِ الْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ. متفق عليه.

وفي روايةٍ: وَإنشَادِ الضَّالَةِ فِي السَّبْعِ الأُوَل.

«المَياثِرِ» بيَاءٍ مُثَنَّاةٍ قَبْلَ الأَلِفِ، وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ بَعْدَهَا، وَهِيَ جَمْعُ مِيْثَرَةٍ، وَهِيَ شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنْ حَرِيرٍ وَيُحْشَىٰ قُطْناً أَوْ غَيْرَهُ، وَيُجْعَلُ فِي السرْجِ وَكُورِ الْبَعِيرِ يَجْلِسُ عَلَيْهِ الرَّاكِبُ. «الْقَسِّيُّ» بفتحِ القاف وكسرِ السينِ المهملة المشدّدَةِ: وَهِيَ ثِيَابٌ تُنْسَجُ مِنْ حَرِيرٍ وَكَتَّان مُخْتَلِطَيْنِ. «وَإنْشَادُ الضَّالَّة»: تَعْرِيفُهَا.

غريب الحديث:

إبرار المقسم: تمكينه وإعانته علىٰ فعل ما حلف، ليصير بارّاً بهذا اليمين.

إفشاء السلام: نشره بين المسلمين، وبذله لمن تعرف ولمن لا تعرف.

الإستبرق والديباج: أنواع من الثياب الفاخرة.

هداية الحديث:

1) الشريعة تأمر بالمصالح، وتنهىٰ عن المفاسد؛ فما أمر به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فكلُّه خير، وما نهىٰ عنه فكلُّه شرّ.

2) وجوب نصرة المظلوم علىٰ القادر؛ بردّ حقه إليه وزجر ظالمه عنه.

3) تحريم استعمال آنية الذهب والفضة.

4) تحريم الحرير والتختُّم بالذهب علىٰ الرجال.

5) إن النهي عن إنشاد الضالة مخصوص في المساجد دون غيرها.