اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

28 ـ باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة

قال الله تعالىٰ: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [النور: 19].

فائـدة:

العورة نوعان: عورة حسيّة، وعورة معنوية.

ــ فالعورة الحسيّة: هي ما يحرم النظر إليه كالقُبل والدُّبر، وما أشبه ذلك.

ــ والعورة المعنوية: وهي العيب والسوء الخُلُقي أو العملي.

فالمطلوب من العبد؛ ستر عورات المسلمين عموماً.

وأما (محبة انتشار الفاحشة في الذين آمنوا) فتشمل:

ــ محبة انتشار الفاحشة في المجتمع المسلم.

ــ ومحبة أن تنتشر في شخص معيّن.

1/240 ــ وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْداً فِي الدُّنْيَا إلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رواه مسلم.

هداية الحديث:

1) الجزاء من جنس العمل؛ فمن ستر مسلماً جازاه الله تعالىٰ بالستر يوم القيامة.

2) الستر يتبع المصالح؛ فإن كانت المصلحة في الستر سترنا، أو كانت في الكشف كشفنا.

فائـدة:

الستر نوعان:

النوع الأول: ستر محمود؛ ويكون في حق الإنسان المستقيم، فهذا يجب أن يُستر عليه ويُنصح له.

والنوع الثاني: ستر شخص مستهتر في الحرمات معتد علىٰ عباد الله؛ فهذا لا يستر، بل يُكشف ويُفضح.

2/241ــ وعنه قال: سمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلُّ أمَّتِي معَافَىٰ إلَّا المُجَاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُل بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: يَا فُلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سَتْرَ الله عنه». متفق عليه.

غريب الحديث:

المجاهرين: المجاهرون؛ هم الذين يُظهرون دوماً معصية الله _عز وجل_ علانية.

هداية الحديث:

1) النفس أمانة عندك؛ يجب عليك أن ترعاها حق رعايتها، ولا تعرضها لسخط الله تعالىٰ.

2) يدخل في المجاهرة كلُّ مَنْ سنَّ سنة سيئة.

3/242ــ وعنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: « إذَا زَنَتِ الأمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتِ الثَانِيَةَ فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ » متفق عليه. «التَّثْرِيبُ»: التوْبِيخُ.

غريب الحديث:

الأمة: هي المملوكة التي تباع وتشترى.

هداية الحديث:

1) بيان حد المملوكة وأنها علىٰ النصف من حد الحرة.

2) النهي عن تعنيف المملوكة الزانية؛ لئلا تستهين بالمعصية لكثرة اللوم.

3) إرشاد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلىٰ الطريق الصحيح في العقاب علىٰ الذنب، وهذا فيه بيان سبق الهدي النبوي للطرق التربوية الحديثة؛ من ذم التعنيف وكثرة اللوم.

4/243 ــ وعنه قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ خَمْراً، قال: «اضْرِبُوهُ»، قال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللهُ، قال: «لا تَقُولُوا هكَذَا، لا تُعِينُوا عَلَيْه الشَّيْطَانَ». رواه البخاري.

غريب الحديث:

الخزي: العار والذل، فقوله: أخزاك الله بمعنىٰ: أذلّك الله.

هداية الحديث:

1) العبد إذا فعل ذنباً وعُوقب عليه في الدنيا فهو كفارته، فالواجب ألاّ ندعوَ عليه بالخزي والعار، بل نسأل الله له الهداية والمغفرة.

2) علىٰ العبد ألا يكون عوناً للشيطان علىٰ أخيه المسلم.