اللغات المتاحة للكتاب Indonesia English

44 ــ باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم

قال الله تعالىٰ: {قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} [الزمر: 9].

هداية الآية:

1) المراد بالعلماء علماء الشريعة الذين هم ورثة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإن العلماء ورثة الأنبياء، وتوقير العلماء سبب توقير الشريعة؛ لأنهم حاملوها، فإكرامهم إكرام للشريعة.

2) بيان الفرق بين العالم والجاهل؛ لأن العالم متصف بصفة مدح، والجاهل متصف بصفة ذم.

1/348 ــ وعن أبي مسعودٍ عُقبةَ بنِ عمرٍو البدرِيِّ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله، فَإنْ كَانُوا في الْقِرَاءة سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإنْ كَانُوا في السُّنـَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِنّاً، وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ، وَلا يَقعُدْ في بَيْتِهِ عَلىٰ تكْرِمَتِهِ إلَّا بِإذْنِهِ». رواه مسلم.

وفي روايةٍ لَهُ: «فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً» بَدَل «سِنَّا»: أَوْ «إسْلاماً».

وفي روايةٍ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله، وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءة، فَإنْ كَانَتْ قِرَاءتُهُمْ سَوَاءً، فَيَؤُمُّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمُ سِنّاً».

وَالمُرَادُ «بِسُلْطَانِهِ» مَحَلُّ ولايَتِهِ، أَوِ المَوْضِعُ الَّذِي يَخْتَصُّ به. «وَتكْرِمَتُهُ» بفتحِ التاءِ وكسر الراءِ: وَهِيَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ فِرَاشٍ وَسريرٍ وَنَحْوِهِمَا.

غريب الحديث:

تكرمته: مكان الإكرام كصدر المجلس.

هداية الحديث:

1) صاحب العلم مقدَّمٌ علىٰ غيره في الوظائف الدينية كالإمامة في الصلاة، فيُقدم الأقرأ لكتاب الله، ثم الأعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2) أعظم العلوم هو العلم بكتاب الله جل جلاله، والعلم بالسنة النبوية. فَلْيحرصِ المؤمن علىٰ العناية بالأصلين العظيمين: الكتاب والسنة، والاستغناء بهما عن ما سواهما.

2/349 ــ وعنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَح مَنَاكِبَنَا في الصَّلاَةِ ، وَيَقُولُ: «اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِني مِنكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثم الذين يَلُونَهُمْ». رواه مسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِنِي»، هو بتخفيفِ النُّون وَلَيْس قَبْلها يَاءٌ، وَرُوِيَ بتشديد النُّونِ مَعَ يَاءٍ قَبْلَهَا، «وَالنُّهَى»: الْعُقُولُ: «وَأُولُو الأَحْلام» هُمُ الْبَالِغُونَ، وَقِيلَ: أَهْلُ الحِلْمِ وَالْفَضْلِ.

غريب الحديث:

لِيَلِني: لِيدنو مني في الصلاة، وَلْيكنْ من ورائي.

هداية الحديث:

1) وجوب تسوية الصفوف، وسَدّ الفُرَج، والتحاذي بالمناكب والأقدام في الصلاة.

2) علىٰ الإمام أن يحرص علىٰ تفقد الصفوف وتسويتها، بقوله وبفعله، اقتداء بعمل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3) الترغيب في أن يُقدم إلىٰ الإمام عند المصافَّة الكبارُ وأهل الفضل والحلم.

3/350 ــ وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِنِي مِنكُمْ أُولُو الأحلام وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ثلاثاً «وَإيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ». رواه مسلم.

غريب الحديث:

هيشات الأسواق: ما يكون فيها من اختلاط ومنازعة وخصومة وارتفاع الأصوات.

هداية الحديث:

1) للمساجد حقها المحفوظ، فلا يجوز للمصلين إحداث فتن في المساجد من الخصومات وارتفاع الأصوات؛ لأن ذلك يذهب بالخشوع.

2) الحث علىٰ وقوف الكبار العقلاء وراء الإمام، ثم يلونهم من هم دونهم.

فائـدة (1):

فهم بعض الناس من الحديث نهي الصبيان عن الوقوف وراء الإمام، وهذا خطأ وثَمَّ فرق بين أن تكون العبارة: «لايلني إلا أولو الأحلام»، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: «ليلني منكم أولو الأحلام». فالثانية: تحث الكبار العقلاء علىٰ التقدم، والأولىٰ معناها: أنه ينهىٰ أن يلي الإمام من ليس بالغاً، أوعاقلاً، ولكن الرواية النبوية هي الثانية. وبناء علىٰ ذلك فلا يجوز طرد الصبيان عن الصف المتقدم إلا أن يحدث منهم أذية، لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عن وقوف الصغار وراء الإمام، وإنما حث الكبار علىٰ القرب من الإمام. فتدبر الفرق.

فائـدة (2):

الذين يزجرون الصبيان عن الصف المتقدم وقعوا في مفاسد، منها:

1) أخطؤوا من جهة أنهم منعوا ذوي الحقوق حقوقهم؛ فإن الصبي صاحب حق ولو كان صغيراً.

2) أنهم يُكرِّهون المساجد للصبية الصغار، وهذا يؤدي إلىٰ أن ينفرَ الصَّبيُّ عن المسجد، ويكره مَن طَرَدَه.

3) لو أننا طردنا الصبيان من أوائل الصفوف لحصل منهم عند تأخرهم من اللعب مايوجب اضطراب المسجد وأهله.

4/351 ــ وعن أبي يَحْيَى، وَقِيلَ: أبي مُحَمَّد، سَهْلِ بن أبي حَثْمَة ــ بفتح الحاءِ المهملة وإسكانِ الثاءِ المثلثةِ ــ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: انْطَلَقَ عَبْدُ الله بن سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بنُ مَسْعُود إلىٰ خَيبَرَ، وَهِي يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا ، فأتَىٰ مُحَيِّصَةُ إلىٰ عبدِ الله ابنِ سهلٍ وهو يَتَشَحَّطُ في دَمِهِ قَتِيلاً، فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرحْمنِ ابن سهل وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصةُ ابْنَا مَسْعُود إلىٰ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَحمنِ يَتكَلَّمُ، فقال: «كَبِّرْ كَبِّرْ» وَهُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ، فَسَكَتَ، فَتكَلَّمَا، فقال: «أتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ؟»، وَذَكَرَ تَمامَ الحديث، متفقٌ عليه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «كَبِّرْ كَبِّرْ» مَعْنَاهُ: يَتكَلَّمُ الأَكْبَرُ.

غريب الحديث:

يتشحط: يتخبط في دمه.

أحدث القوم: أصغرهم سناً.

هداية الحديث:

1) الحث علىٰ تقديم الأكبر سنّاً في الكلام، فهذا من الأدب النبوي الذي أرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2) إن تعلم الآداب النبوية من أهم المهمات في حياة العبد المؤمن.

5/352 ــ وعن جابرٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَىٰ أُحُدٍ يَعْنِي في القَبْرِ، ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَخْذاً لِلْقُرْآنِ ؟» فَإذَا أُشِيرَ لَهُ إلىٰ أحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ. رواه البخاري.

غريب الحديث:

اللحد: هو ميل في الجدار القبلي للقبر، يوضع فيه الميت.

هداية الحديث:

1) يجوز في القبور اللحد والشق؛ لوقوع العمل عليهما في عهد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولكن اللحد أفضل.

2) جواز دفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد، عند الحاجة أو الضرورة.

3) تقديم أهل العلم والفضل يكون في حياتهم، وبعد مماتهم، وهذا لشرف العلم الذي حملوه في صدورهم.

6/353 ــ وعن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «أَرَاني في المَنَامِ أتسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَني رَجُلانِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِن الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ، فقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إلىٰ الأَكْبَرِ مِنْهُمَا». رواه مسلم مُسْنَداً والبخاري تعلِيقاً.

هداية الحديث:

1) اعتبار كبر السن؛ فيقدم الأكبر في إعطاء الشيء إذا كان الحاضرون أمامك.

2) مراعاة البدء باليمين عند توزِّع الحاضرين يمنة ويسرة.

7/354 ــ وعن أبي موسىٰ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِن إجْلالِ الله تعالىٰ إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ المُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالجَافي عَنْهُ، وَإكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ». حديثٌ حسَنٌ رواه أبو داود.

غريب الحديث:

إجلال الله: تعظيم الله.

الغالي: المتجاوز الحد في التشديد.

الجافي: التارك للعمل به والهاجر له.

المقسط: العادل.

هداية الحديث:

1) استحباب إكرام مَن له فضل، أو تقدم سنّ، وتوقيرهم في المجالس اعترافاً بفضلهم وسبقهم.

2) الغلو في الأمر مهلكة، والجفاء بُعدٌ وتقصير، والوسط هو أعدل الأمور.

3) دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، وكل من لزم السنة النبوية، وهدي الصحابة، وسلف الأمة، في أقواله وأفعاله وأحواله، وُفِّق إلىٰ الوسطية.

8/355 ــ وعن عَمْرِو بن شُعَيْب عَن أبِيهِ عن جدِّه رضي الله عنهم قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، ويَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا». حديثٌ صحيحٌ. رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي: حديثٌ حسن صحيحٌ.

وفي رواية أبي داود: «حَقّ كَبِيرِنَا».

غريب الحديث:

ليس منا: ليس من سنتنا وهدينا وطريقتنا.

هداية الحديث:

1) استحباب توقير الكبار وإجلالهم، والرحمة بالصغار وبذلك تتم الأمور.

2) أهلُ الإيمان يكمل بعضهم بعضاً في المجتمع المسلم.

9/356 ــ وعن مَيْمُونِ بن أَبي شَبِيبٍ ــ رحمه الله ــ، أنّ عَائشَةَ رضي الله عنها مَرَّ بها سَائِلٌ، فَأَعْطَتْهُ كِسْرَةً، وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَهَيْئَةٌ، فَأَقْعَدَتْهُ، فَأَكَلَ، فَقِيلَ لَهَا في ذلِكَ؟ فقالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ». رواه أبو داود. لكِنْ قال: مَيْمُون لَمْ يُدْرِك عائِشَةَ[4].

[4](1) الحديث إسناده ضعيف.

وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ في أَوَّلِ صَحِيحِهِ تَعْلِيقاً، فقال: وَذُكِرَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: أَمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ، وَذَكَرَهُ الحَاكِمُ أَبُو عَبدِ الله في كِتَابِهِ «مَعْرِفَة عُلُومِ الحديث» وقال: هو حديثٌ صحيح.

غريب الحديث:

كسرة: قطعة خبز.

هداية الحديث:

1) الحث علىٰ مراعاة مراتب الناس ومكانتهم، من غير ظلم وجور، بل بمقتضىٰ العدل، فلا يُقصر بالرجل العالي القدر عن درجته، ولا يُرفع متَّضِع القدر فوق منزلته.

2) تفاوت الناس سنة إلهية قدَّرها الله تعالىٰ في أصل الخلق، وأما الدعوة إلىٰ تساوي الناس في كل شيء، فهي دعوة جاهلية، خالية من العلم الرشيد، والفهم السديد.

10/357 ــ وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَنَزَلَ عَلىٰ ابْن أخِيهِ الحُرِّ بْن قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ رضي الله عنه ، وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ،كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّاناً، فقال عُيَيْنَةُ لابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ لَهُ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه ، فلما دَخَلَ قال: هِيْ يَا ابْنَ الخَطَّابِّ! فَوَاللهِ مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ، وَلا تَحْكُمُ فِينَا بِالعَدْلِ، فَغضب عُمَرُ رضي الله عنه حَتَّىٰ هَمَّ أَنْ يُوقعَ بِهِ، فقال لَهُ الحُرُّ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إنَّ الله تعالىٰ قال لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ} وإن هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ. وَاللهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ رضي الله عنه حِينَ تَلاَهَا عَلَيهِ، وَكَانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ الله تعالىٰ. رواه البخاري.

غريب الحديث:

يدنيهم: يقربهم.

هِيْ: كلمة تهديد ووعيد.

الجزل: الجود بالعطاء.

هداية الحديث:

1) مخاطبة كل إنسان بحسب حاله؛ فلا يُخاطَب الأمير أو المقدَّم في الناس كما يُخاطَب العامة.

2) فضيلة عُمرَ رضي الله عنه في تعظيمه لآيات الله، فعند سماعه آية العفو والإعراض عن الجاهلين امتثلها، فعفا عن الرجل. فأين المقتدون بالفاروق رضي الله عنه؟

11/358 ــ وعن أبي سَعيد سَمُرَةَ بن جُنْدبٍ رضي الله عنه قال: لَقَدْ كُنْتُ عَلىٰ عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم غُلاماً، فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ، فَمَا يَمْنَعُني مِنَ القَوْلِ إلَّا أنَّ هَهُنا رِجَالاً هُمْ أَسَنُّ مِنِّي. متفقٌ عليه.

هداية الحديث:

1) كراهة التحديث بالشيء إذا كان في الحاضرين من هو أكثر علماً أو أكبر سنّاً.

2) إن توقير الكبار وإجلالهم مما يجب أن يُربىٰ الناشئة عليه؛ ليكبروا علىٰ الأدب.

3) معرفة صغار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفَ كبارهم، فهم يعلمون أنهم علىٰ خير ما دام العلم يأتيهم من قِبَل أكابرهم.

فائــدة:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البركة مع أكابرهم» رواه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

هذا منهج نَبَويٌّ يجب أن يُسلَك في جميع نواحي الحياة العلمية والعملية، فالكبير في العلم والسن يجب أن يُقدَّم علىٰ الأصاغر. واليوم ما اضطربت أحوالنا إلا لمَّا فقدنا هذا المنهاج العظيم، فتصدَّر الأحداثُ القيادة دون الكبار، ورضي الله عن الفاروق عمر بن الخطاب يوم قال: «قد علمت متىٰ صلاح الناس، ومتىٰ فسادهم :إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصىٰ عليه الكبير، وإذا جاء الفقه من قبل الكبير، تابعه عليه الصغير، فاهتديا». رواه ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله).

12/359 ــ عن أنسٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخاً لِسِنِّهِ إلَّا قَيَّضَ اللهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّه». رواه الترمذي وقال: حديث غريب[5].

[5](1) الحديث إسناده ضعيف.

غريب الحديث:

قيَّض: قدَّر.

هداية الحديث:

1) استحباب إكرام شيوخ المسلمين لكبر سنهم، وتقدم إيمانهم، فإكرامهم يكون لهذين الوجهين.

2) الجزاء من جنس العمل، ولايذهب المعروف ولو قلَّ.

3) الحث علىٰ تعلم الآداب الشرعية النبوية، ومن ذلك إكرام كبار السِّنِّ.