اعْلم أن الاخْتِلاط بالنَّاسِ علىٰ الوَجْهِ الذي ذَكَرْتُهُ هو المختار الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائِرُ الأنبياءِ صلواتُ الله وسلامهُ عليهم، وكذلك الخُلفاءُ الرَّاشدون، ومَنْ بعدَهُم مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ، ومَنْ بَعدَهُم من عُلَمَاءِ المسلِمينَ وَأَخْيَارِهم، وهو مَذْهَبُ أَكْثَرِ التَّابعينَ وَمَنْ بعدَهُم، وَبِهِ قَالَ الشَّافعيُّ وأَحْمَدُ، وَأَكْثَرُ الفُقَهَاءِ رضي الله عنهم أجمعين. قال الله تعالىٰ: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلبِرِّ وَٱلتَّقوَىٰۖ} [المائدة: 2]، والآيات في معنىٰ ما ذكرتُه كثيرة معلومة.
التفصيل الذي اختاره النووي ــ رحمه الله تعالىٰ ــ هو الذي دلَّ عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيأتيَنَّ علىٰ الناس زمانٌ يكون أفضلُ الناس فيه، بمنزلة رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، كلما سمع بِهَيْعَةً استوىٰ علىٰ متنه، ثم طلب الموت مظانه، ورجل في شعب من هذه الشعاب، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويدع الناس إلا من خير». رواه أحمد.
وقوله صلى الله عليه وسلم : «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر علىٰ أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر علىٰ أذاهم» رواه أحمد.
هداية الآية: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلبِرِّ وَٱلتَّقوَىٰۖ} :
1) أهل الإيمان متعاونون علىٰ البر والتقوىٰ، وهو شعارهم في حال اختلاطهم.
2) إن مصالح الناس في الخير لابد فيها من الاجتماع، لأن به يتحقق الانتفاع.