قَالَ الله تعالىٰ: {ٱلأَخِلَّآءُ يَومَئِذِ بَعضُهُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67].
1) كل ما كان لله تعالىٰ فإنه يدوم؛ وما كان لغيره فإنه يزول، فمن كانوا في الدنيا أصدقاءً وأحباباً علىٰ مصالح دنيوية، صاروا في الآخرة أعداءً.
2) بشرىٰ عظيمة لأهل الأخوّة الصادقة، فَلْيحرصِ المؤمن أن يكون منهم.
1/678ــ عن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله قال: «مَا بَعَثَ اللهُ مِن نَبِيٍّ، وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانتَانِ؛ بِطَانَةٌ تَأمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عليهِ، وبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عليهِ، والمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ». رواه البخاري.
بِطانة: فئة من الأعوان والأصفياء والأولياء.
1) العبد إما أن يكون داعية إلىٰ الله يأمر بالمعروف ويحضّ عليه، وينهىٰ عن المنكر ويحذر منه، أو يكون داعية يدعو إلىٰ الشيطان وحزبه. فَلْينظرِ الموفَّق أهدىٰ الطريقين!!
2) من استضاء بنور العلم والإيمان، وطبّق شرع الله وفَّقه الله بفضله، وعصمه من شرِّ نفسه، ومن كيد الشيطان وحزبه.
ورد في سبب الحديث أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما زاروا أبا الهيثمَ بن التِّيهانِ الأنصاريَّ، فأكلوا عنده وشربوا، فلما فرغوا قال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «هل لك خادم؟»، قال: لا، قال: فإذا أتانا سبي، فأتنا، فأُتيَ النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اختر منهما»، قال: يارسول الله! اختر لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن المستشار مؤتمن، خذ هذا، فإني رأيته يصلي، واستوصِ به خيراً»، فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة، إلا وله بطانتان...» الحديث.
فلفظ الحديث جاء عامّاً في بطانة الأنبياء والخلفاء، ومناسبة وروده جاءت في شؤون الأسرة، وذلك لأنه بصلاح أمر الأسرة يَسْري الصلاح إلى المجموع، وبالتالي يصلح شأن الأمة، فعلىٰ الرجل أن يحسن اختيار الزوجة الصالحة، فهي البطانة التي تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، والله أعلم.
2/679ــ وعن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذَا أَرَادَ الله بالأمِيرِ خَيراً جَعَل له وزِيرَ صِدقٍ، إنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ. وَإذَا أَرَادَ بِهِ غَيرَ ذلكَ جَعَلَ لَه وَزِيرَ سُوءٍ، إنْ نَسِيَ لم يُذَكِّرْه، وَإنْ ذَكَرَ لم يُعِنْهُ». رواه أبو داود بإسنادٍ جيد علىٰ شرط مسلم.
1) مشروعية اتخاذ وزير صدق، فهو من علامات إرادة الخير بالحاكم.
2) تحذير الحكام من بِطانة الشرّ، فإنها سببٌ للإفساد والطغيان.
3) الحث علىٰ تقريب الأخيار والصالحين، وإبعاد الأشرار الخائنين، فإن الوالي لن تكون له بطانة صالحة إلا إذا قرّبهم.