1/680 ــ عن أبي موسىٰ الأشعَرِيِّ رضي الله عنه قال: دَخَلتُ علىٰ النَّبِيِّ أَنا وَرَجُلانِ مِن بَني عَمِّي، فقالَ أَحَدُهُمَا: يا رسولَ الله، أَمِّرْنَا عَلىٰ بَعضِ مَا وَلَّاكَ الله _عز وجل_، وقال الآخَرُ مِثلَ ذلكَ، فقال: «إنَّا، وَالله، لا نُوَلِّي هَذَا العَمَلَ أَحَداً سَأَلَه، أَو أَحَداً حَرَصَ عليهِ». متفقٌ عليه.
1) لا يجوز لولي الأمر أن يُؤمّر أحداً منصباً طلبه أو حرص عليه، لأنه دليل علىٰ طلب الولاية للنفع الخاص.
2) بيان هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لأمر السياسة الشرعية، فالخير للأمة في شأن الراعي والرعيَّة متوقف علىٰ الاقتباس من أنوار النبوّة، والغنية بها عما سواها.
كيف نجيب عن قول يوسف عليه الصلاة والسلام للعزيز: {قَالَ ٱجعَلنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيم} [يوسف: 55]؟ فهو قد سأل الإمارة؟
أجاب العلماء بأوجه، أهمها:
الأول: إنَّ شرعَ مَنْ قبلنا إذا خالفه شرعُنا، فالعمدة علىٰ شرعنا، بناءً علىٰ القاعدة: (شرع مَن قبلنا ليس شرعاً لنا، إذا ورد شرعُنا بخلافه).
الثاني: وهو الوجه الأحسن، أن يُقال: إن يوسف عليه الصلاة والسلام رأىٰ أن المال ضائع، وأنه يُفرَّط فيه، فأراد أن يُنقذ البلاد والعباد من سوء التدبير، فالغرض من الطلب إزالة سوء التدبير في السياسة، وهذا غرض عظيم ومقصد نبيل. ومن ذلك: حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه لما قال للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: اجعلني إمام قومي، يعني في الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: «أنت إمامهم»، فأجاب عليه الصَّلاة والسَّلام طِلبته لمّا علم أنه أهل للإمامة، فالواجب علىٰ ولي الأمر أن ينظر في سبب طلب الإمارة، ثمَّ يعمل بما يرىٰ فيه النفع العام، لأن (تصرف الحاكم بالرعية منوط بالمصلحة).