قال الله تعالىٰ: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۗ} [الرعد: 11] ، وقال تعالىٰ: {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَت غَزلَهَا مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكَٰثا} [النحل: 92].
(وَالأنْكَاثُ): جَمْعُ نِكْثٍ، وَهُوَ الْغَزْلُ المَنْقُوضُ.
وقال تعالىٰ: {وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلكِتَٰبَ مِن قَبلُ فَطَالَ عَلَيهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَت قُلُوبُهُم} [الحديد: 16]، وقال تعالىٰ: {فَمَا رَعَوهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27].
1) علىٰ العبد أن يحافظ علىٰ ما اعتاده من الخير، فهذا هو هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «الخير عادة». رواه ابن ماجه.
2) مخالفة أهل الكتاب الذين كانوا يعملون العمل الصالح، فلما طال عليهم الأمد قست قلوبهم وتركوا العمل.
1/692ــ وعن عبدِ الله بنِ عمروِ بنِ العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « يَا عَبْدَ الله، لا تكُنْ مِثْلَ فُلانٍ؛ كَانَ يقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قيَامَ اللَّيْلِ». متفقٌ عليه.
فلان: يُكنىٰ به عن واحد من الناس، وهذه الكلمة يُحتمل أنها من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يذكر اسمه لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ستراً عليه، لأن المقصود هو القضية دون صاحبها، ويُحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم عيّنه لكنَّ عبدَ الله بن عمروٍ رضي الله عنهما أبهمه.
1) إذا منّ الله تعالىٰ علىٰ عبده بباب خير فلا يتقاعس ويتأخر، فإن المداومة علىٰ الخير من هدي النَّبيِّ وإرشاده.
2) ترك العمل الصالح منقصة واضحة، يتباعد عنها أهل الهمم.
إن من أعظم ما يُوصىٰ به في أبواب الخير الاستمرار في طلب العلم، فلا يبدأ الإنسان بطلب العلم الشرعي، ثمّ إذا فتح الله عليه باب علمٍ تركه، فإن هذا كفر نعمة أنعمها الله عليه، فيا باغي الخير: إذا بدأت بطلب العلم فاستمر، إلا أن يشغلك عنه شيء علىٰ وجه الضرورة، ولفترة محدودة، وإلَّا فداومْ وأبشر، لأن طلب العلم فرض كفاية، ومن طلبه فإن الله تعالىٰ يثيبه علىٰ طلبه ثواب الفرض، وثواب الفرض أعظم من ثواب النافلة.
وما أجمل أبيات نظمها العلامة حافظ حكمي (ت 1377هـ) في الحثِّ على طلب العلم. قال ــ رحمه الله تعالى ــ في منظومته (الميمية في الوصايا والآداب العلمية):
قِوامُهُ وبدُونِ العِلْمِ لَمْ يَقُمِ
العِلمُ مِيزانُ شَرْعِ اللهِ حيثُ بهِ
أهلُ السّماوَاتِ والأرْضِينَ مِنْ لَمَمِ
العِلْمُ يا صَاحِ يَسْـتَـغْـفِـرْ لِصاحِبِهِ
فقَدْ ظَفِرْتَ ورَبِّ اللَّوْحِ والْقَلَمِ
يا طالِبَ العِـلمِ لا تَـبْـغِي بـهِ بَدلاً
فِي القَوْلِ والفِعْلِ والآدابَ فَالْتَزِمِ
وقَدِّسِ العِلمَ واعْرِفْ قَدْرَ حُرْمَتِهِ
لَوْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ قَدْرَ العِلْمِ لَمْ يَنَمِ
واجْهَدْ بِعَزْمٍ قَوِيٍّ لا انْثِنَاءَ لَــهُ
وَقَدِّمِ النَّصَّ والآرَاءَ فَاتَّهِمِ
وبِالْمُهِمِّ الْمُهِمِّ ابْدَأْ لِتُدْرِكَهُ
يَجْلو بِنُورِ هُداهُ كلُّ مُنْبَهِمِ
ما العِلْمُ إلا كِتابُ اللهِ أو أثَرٌ
اللهِ لاسِيَّما في حِنْدسِ الظُّلَمِ
وَبَالتَّدَبُّرِ والتّرتِيلِ فَاتْلُ كِتابَ
ـناجُونَ نَصّاً صَريحاً للرَّسولِ نُمِي
ارْوِ الْحَدِيثَ ولازِم أهْلَهُ فهُمُ الْـ
واعْزِلْ عن اللهِ سُوءَ الظنِّ والتُّهَمِ
فاعْمَلْ عَلى وَجَلٍ وادْأَبْ إلَى أجَلٍ
والرّواحِ وأَدْلِجْ قاصِداً ودُمِ
سَدِّدْ وقارِبْ وأبْشِرْ واسْتَعِنْ بِغُدوٍ
فَطَالَمَا حُرِمَ الْمُنْبَتُّ بالسَّأَمِ
فمِثْل ما خَانَتِ الكسْلانَ هِمَّـتُـهُ